جلال خالد هي رواية لمحمود احمد السيد , عبارة عن مذكرات للعراقي جلال خالد في فترة الاحتلال البريطاني للعراق إضافة إلى احتلال فرنسا لسوريا , عبر فيها الكاتب عن الأفكار الوطنية التي تبناها أبناء الوطن في تلك الفترة , إضافة إلى التناقض القابع في أعماق خالد بين الإنسانية و القومية والدين , كذلك رغبة وطنيي الشعب القوية في التحرر وفي إصلاح الأوضاع والتسامح مع الجميع والالتزام بالشرف والوطنية الصادقة والتحلي بالإنسانية , للعيش في وطن مفعم بالأمل والحرية يعيش أبناءه على أساس رغباتهم وليس كما تمت تربيتهم أو كما تريد السلطة الحاكمة , كما تنبذ الواقع السئ الذي يجعل الفلاحين والعاملين والعامة من الشعب في فقر مدقع , لدرجة عدم توفر الغذاء الكافي وحسد الفلاحين المساكين للحمير لأكلهم الشعير ولعيشهم تحت سقف ونومهم على فراش مريح.
كما عبرت عن الشخصيات المختلفة التي تجتمع على هدف واحد وهو الإصلاح و السلام .
تبدأ القصة برحيل جلال خالد من بغداد إلي الهند (مومبي) على متن الباخرة , ثم وصوله إلى مومبي ولقاءه بالكاتب الهندوسي ف. سوامي , الذي يعمل على تشجيع الناس للثورة من خلال كتاباته. ووصفه لأحوال الناس في مومباي , من أمثال العاملين الفقراء الذي لا يحصلون على ما يسد رمقهم وأجورهم المتدنية لأقصى حد , إضافة إلى إدمان الناس الأفيون والأمهات المعدمات اللواتي يخدرن أطفالهن بالأفيون للقيام بإعمالهم ولسد رمقهم . كل هذا يمثل استغلال المجموع لغايات فردية . إذ يعيش أكابر القوم في غناء فاحش في حين تعاني الأغلبية من الشعب الفقر المدقع . كل هذا و أموال مومبي تملا الخزائن الأجنبية .
كان جلال خالد يمتلك نزعة إنسانية لكنه في ذات الوقت كان مفعما بالثقافة القديمة وكان وطنيا بطريقة عمياء ودينيا في الوقت ذاته , كان لائما نفسه بشدة لتركه للوطن . و هذا ما اختلف به عن الكاتب الهندوسي الذي يمتلك آراءه وديانته ولكنه يرغب بالوحدة بتحقيق الغاية , لذلك لم يكن يبالي بهذا كانت تطغى عله النزعة الإنسانية والرغبة بالنهوض بالبلاد والسلام , كما انه اختلف عن خالد في بقاءه بوطنه و محاولته نشر الأفكار الوطنية .
يبين الكاتب الهندوسي كيف إن الإنسانية فكرة طاغية للمجتمعات يشترك بها الجميع على عكس القومية والدين إذ إن كل شخص له دينه وقوميته , كما أن المشكلة إن كل الأديان تعادي بقية الأديان و ترى أنها من يجب أن تكون السائدة , وكل له دينه ويرى انه الأكمل والأفضل وكل شيء فيه كامل _ كما كان رأي خالد في أن المرأة كانت حاصلة على كامل حقوقها على عكس الكاتب الهندوسي الذي يقول أنها تحصل على حقوقها بالتعليم و التخلص من الجهل وإشراكها في العمل وبذلك مساواتها بالرجل_ كما كان يعاني الفقراء ويعتقدون بالحظ والقدر وان هذا الشقاء هو ما كتب لهم و إنهم لا يمكنهم التدخل أو فعل شيء حيث أن كل شخص له حياته التي حيكت لأجله وانه مسوق بالقدر_ بحسب معتقداتهم التي أخذوها عن القدماء_ .
وبالفعل من الواضح أن هذا هو الهدف من المعتقدات القديمة : جعل الناس مخدرين و هامدين غير فاعلين لشيء في سبيل تغيير الأوضاع السيئة , لأنهم مؤمنين بالحظ والقدر . ومؤمنين أن (القناعة كنز لا يفنى) و(أن العبد حر ما قنع) , و(أن أكل وحمد خير من أكل وذم) حتى لو كان هذا الأكل دخنا ارخص من الشعير , إضافة إلى إيمانهم بان تتحمل المظالم خير من أن تكون أنت الظالم , والإيمان الراسخ في قلوبهم بتحقق العدالة تلقائيا ولو كان بعد موتهم . لكن لو كان الأمر كذلك فلماذا سيحاسبون في النهاية ؟ فهم قد تقررت حياتهم وأفعالهم بالفعل , وهم لم يغيروا شيئا إذ كانوا مسوقين بالقدر , لكن الصحيح هو سعي الإنسان للحرية والحياة التي كان له الحق فيها وعدم كسله و ركوده وخضوعه للأمر الواقع , يجب علية مقاومة الظلم والاستعباد و السعي لتحقيق العدالة . ويجب أن يدرك الفلاح انه هو المنتج في البلاد وانه مظلوم.
كذلك يتكلم الكاتب الهندوسي على الفساد المتفشي في الهند , والذي سببه إنفاق الأموال على بناء المعابد بدلا من المدارس , وجهل الناس الذي يجعلهم مقبلين على المعابد كلما لمت بهم ملمة , و خضوعهم للدمى والتماثيل بدلا من السعي لحل المشكلة و إضافة إلى الأفيون الذي هم عليه مدمنين , انه فقط وسيلة للهروب من المشكلة و ووسيلة للتخلي عن العقل الذي هو عبارة عن نعمة عظيمة جدا , كذلك يشير سوامي إلى الخلافات القائمة بين الأديان والتي تثور لأتفه الأسباب كقتل بقرة من قبل المسلمين لهذا الحرب قائمة باستمرار و السلام إذا ما حدث فضعيف.
يلتقي خالد وسوامي(الكاتب الهندوسي) بعدد من الناس في الهند بعد أن يذهب خالد إلى كلكته , كالشاعر البنغالي الذي يرى بان العرب في الهند لا يبالون بوطنهم المحزون بل بالمال فقط حيث يقول : العرب في الهند نوعان لا ثالث لهما :تاجر يجمع المال , وشيخ طريقه يستجدي. في هذه الفترة تقوم الثورة عام 1920 في العراق , ويلتقي أيضا الصحفي الذي يعمل في جريدة هدفها توحيد المسلمين ويعبر عن آراءه , حيث انه يرى بان الثورة في الصين تعتمد على الثلاثين مليونا من المسلمين إلا انه لا يرغب بان تحدث على يد الدكتور (سن يات سن) لأنه مسيحي ولأنه متوجها إلى الاشتراكية, ثم يلتقي الدكتور ع .صاحب المسلم الوطني المعروف و آراءه الغريبة بان الغلبة تكمن في الكثرة وبذلك فان الناس بحاجة إلى الزواج العام و ما إلى ذلك , إضافة إلى إبراهيم القزاز والأديب الهندي الذي يعطي محاضرة عن الأدب التركي و الدكتور الأدبي من برلين الذي يعطى محاضرات عن الأدب الروسي والفرنسي , و غيرهم.
تنتهي القصة بمراسلات بين جلال خالد و رفيقيه احمد مجاهد و ك.س , التي يطغى ليها طابع الرغبة بالثورة لإصلاح الأوضاع .وبيان البؤس المحيط بالناس من أهل القبائل والفقراء في الجنوب والأحوال السيئة وإجبار ك.س على الزواج , و تفتح الآفاق أمام خالد الذي يري أن الثورة والصلاح بنشر المعرفة والتعليم وترك التقاليد القديمة والقومية الشديدة التي لا تؤدي إلا للفرقة .
ملاحظة : هذه رؤيتي إنا زهراء احمد ابنة الرابعة عشر عن رواية جلال خالد التي تتماها مع وضعنا الحالي في العراق ……….