20 مايو، 2024 9:05 ص
Search
Close this search box.

بين النفخ والانتفاخ

Facebook
Twitter
LinkedIn

-1-
تبدأ عمليات ” التسويق ” لشخصية مغمورة ، بتليسط الأضواء الإعلامية عليها ، وتظهر جليةً في هذا السياق مسألةُ (النفخ) والتضخيم لما تحمله تلك الشخصية من مواهب نادرة ، وصفات باهرة ، وقدرات رائعة وقابليات فائقة …!!!
وعلى هذا النحو الرهيب من (النفخ) العجيب تتوالى الفصول ، وتتصل الحلقات حتى تتحقق الغاية المبتغاة ..!!
ان العناية المبتغاة لن تتحقق في أوساط أولي العلم والفهم والحذق والدراية…
وانما تتحقق عند الذين لايملكون خَلْفِيةً ثقافية ، ولا رصيداً حقيقياً من العلوم والآداب والمعرفة ….
ان هؤلاء يمتدحون (الشاعر) اذا لم يفهموا من قصيدته شيئاً !! ،
ظناً منهم أنه صاحب المعاني العميقة ….، والاغوار السحيقة….
مع أنَّ أرقى ألوان الشعر يعبّر عنه (بالسهل الممتنع) :
انه (سهل) لأنه ينفذ الى الأعماق .
أعماق الناس من دون استئذان ….
ويهضمه وينتشي به الصغير والكبير ،والملوك والصعاليك …
( وممتنع) حيث لايقوى عليه الاّ ذوو المواهب الخاصة ، والقابليات الفريدة في التعبير والتصوير، والتقاط أعذب الألفاظ، وأجمل الصور ….

-2-
وفي مواسم الانتخابات تكثر هذه المحاولات ، تلميعاً لصور الراغبين في دخول ” المعركة الانتخابية ” وهم لايملكون الاّ المال ، يُغدقونه بسخاء على زُمَر المطبلين والمزمرين ، من اللاهثين وراء الحصول على حَفْنةٍ منه ، ولو عَبْرَ التزييف والتضليل … والمبالغات المنكرة ، والاكاذيب المبتكرة..!!
وقد يُقدّمُ أشباه الأميين ، على أنهم من الكبار الذين لايستغني عنهم البلد ، بل لاينبغي ان ينساهم أحد …!!
-3-
أين الماضي المجيد ؟
أين المواقف الوطنية ؟
أين الأفكار النيّرة ، والنظرات والنظريات الوضاّءة ؟
أين التجربة السياسية ؟
وأين الخبرة والقدرة على نفع الوطن والمواطنين بصدق واخلاص ؟
ان ذلك كلّه مفترَضُ الوجود بفعل ما يُقدّم من “النقود” و”سحر الاغراءات والوعود “
ان عملية النفخ مهما بُولغ فيها، فانها لاتستطيع ان تغطي وجه الحقيقة على طول المدى ….
وسرعان ما تبرز للعيان وعبر أول امتحان …
وهنالك يخسر المُبطِلون …..
-4-
والى جانب النفخ مدفوع الثمن ، هنالك عمليات الانتفاخ التي قد تضحك الثكلى ..!!
ان الانفتاح لن ينبع الاّ من داخل الذات ، خلافا (للنفخ) الذي يقوم به الأغيار..
وقديماً قال الشاعر :
(كالهّرِ يحكي انتفاخاً صَولةَ الأسدِ)
الانتفاخ : ان يبرز على المسرح ، – وغالباً ما يبرز عبر شاشات الفضائيات- مَنْ يريد ان يحملك على الاعتقاد بأنه الرجلُ المرّجى لأنقاذ البلاد والعباد ، ولكنه اثناء الحديث، يجعلك على يقين بأنه من أكبر المدعيّن المغرورين …!!
انّ الرجال المخلصين الاكفاء ، الذين لهم من تاريخهم المشرق ، ومواقفهم التاريخية في الذبّ عن الوطن وقضاياه العادلة ، والتفاعل الكبير مع جراح الشعب وآلامه وأماله ، لايحتاجون الى (النفاخيّن) ، كما أنهم لن يكونوا من (المنتَفِخِين) ….
انّ ما لديهم من الأصالة والبسالة، في ميادين العمل الوطني ، يكفيهم للنفاذ الى قلوب الجماهير وعقولهم .
وهذا هو الرصيد الحقيقي .
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب