11 أبريل، 2024 6:14 ص
Search
Close this search box.

بين المطرقة والسندان‎

Facebook
Twitter
LinkedIn

( كن شديد التسامح مع من خالفك الرأي فأن لم يكن رأيه كل الصواب فلا تكن انت كل الخطأ بتشبثك برأيك ) فولتير
( الخلاف الطويل بين طرفين يعني ان كلا الطرفين على خطأ ) فولتير
عاش العراق وطنا وشعبا محنة كبرى لم يتعرض لها شعب فمنذ قيام الدولة العراقية  الحديثة في عشرينيات القرن الماضي ولهذا التاريخ مرت كوارث وماّسي يشيب لها الصبي  ولا نريد ان نخوض في عمق التاريخ عما اصابه على ايدي الغزاة من التتر والمغول والفرس والعثمانيين واخيرا الانكليز وجميعهم كانوا يرفعون شعار الفرقة والاختلاف ليتمكنوا من السيطرة على مقدرات البلد فعندما غزاه الفرس اقصوا المكون السني بحجة انهم انصار المكون الشيعي والشيعة منهم براء وفعلها الاتراك وهم يكذبون وانما يقصون الشيعة نكاية بالفرس وتزلفا الى السنة  وهكذا فعلها الانكليز حين تنصيب ملك العراق فيصل الاول ملكا على العراق وبقت غصة  في صدور العراقيين الوطنيين لعدم انتخاب ملكا من شخصيات واشراف العراق رغم ان الملك رحمه الله حاول بكل جهده ان يكون وطنيا عراقيا ولم يهادن الانكليز فكان يتبع سياسة ذكية وهي – خذ وطالب – مما جعل الانكليز يضيقون به ذرعا فكان ان دبرت نهايته في سويسرا كما يشاع وتبعه ابنه غازي رحمه الله الذي جاهر بعدائه للانكليز وميله الى التعاون مع الضباط الوطنيين ليكون مصيره كمصير اباه وليبقى العراق تحت وصاية عبد الاله الذي وضع نفسه تحت تصرف الانكليز يتناغم معه نوري سعيد الذي جند نفسه في خدمة الغرب وخاصة بريطانيا وتنفيذ المشاريع والمخططات الاجنبية التي افقرت العراق واستباحت الاقطاع لحقوق الفلاحين وتم تصفية العناصر الوطنية كما جرى لقادة الحزب الشيوعي وضباط حركة مايس الاربعة وامتلأت السجون والدوائر الامنية بكل من يعترض على سياسة الظلم حتى تم انشاء سجن نقرة السلمان في صحراء السماوة سيء الصيت وكان ماحصل بعد ثورة تموز958 المجيدة من تصفيات جسدية واضطهاد فكري  توجته العناصر البعثية ومن ساندها في مجزرة ليس لها مثيل في تاريخ العراق الحديث في انقلاب شباط الاسود الدموي 963 حيث تم تصفية كل من استطاعت ان تمتد له  ايدي الانقلابيين وتصفية الضباط الاحرار الذين قدموا انفسهم قرابين للشعب والوطن ومرت السنين والنكبات تتوالى وتم الاتقلاب على حكم عبد الرحمن عارف  الذي شهدت فترة حكمه استقرار نسبي وعودة الحياة المدنيه بشكل مميز عن من سبقه وتبعه وكان الانقلاب الثاني للبعثيين في عام 968  بمساعدة المخابرات الامريكية ولم تمر فترة طويلة حتى جرت تصفيات جديدة لقوى اليسار الوطني وشملت حتى العناصر التي لم يروق للزمرة المتسلطة بقائهم في موقع القيادة  البعثية فكانت اعدامات بالجملة لتتبعها حرب الثمان سنوات بين العراق وايران والتي كان حلم الشعبين الايراني والعراقي ان تنتهي بسبب تعنت الخميني حتى حينما توقفت قال بالحرف الواحد اليوم تجرعت كأس السم وما ان استرد الناس الانفاس ليحدث ما كان السبب الاكبر في تدمير العراق واعادته عشرات السنين الى الوراء وهو دخول القوات العراقية الى الكويت  فكانت حرب الخليج الثانية الاجرامية بحق العراق وتبعها الغزو الذي شنته الولايات المتحدة الامريكية بالتعاون مع بريطانيا واستراليا وبعض الدول المتحالفة مع الولايات المتحده وباسناد من دولة الكويت الحاقدة على العراق وقطر في عام 2003 , وتخيل الناس ان الظلم سينتهي وتبدأ مرحلة جديدة كان يحلم بها الجميع كردا وعربا ومسلمين وغير مسلمين ولكن للاسف وقع مرة اخرى ماهو الاشد بين المطرقة والسندان , دول الجوار كلها بدون استثناء وبشكل خاص ايران ولم تقف مكتوفة الايدي اسرائيل او الكويت والاخرين متفرجين فالكل ينظر الى خراب العراق من الناحية التي تخدم اهدافهم اللعينة واستطاعت ان تجند او كانت مجنده سرايا ومليشيات ومنظمات اجرامية  تحت مسميات كاذبة لاتمت الى الدين او الوطنية بشيء والجميع تمويلهم من المال العام المسروق او من دول اجنبية لها اهداف شريرة في تخريب العراق  فمنهم من يقتلون الشيعة ومنهم من يقتلون السنة واخرين يقتلون الكرد واخرين العرب والتركمان والمسيحيين والايزديين والشبك والصابئة وهكذا اصبح الجميع تحت المطرقة والسندان ولا تعرف من يقتل من ومن يفجر ومن يخطف ومن يستبيح الحرمات والاعراض وحتى بيوت العبادة لم تسلم من الايدي القذرة والملاحظ ان عامة الناس من كل الاطراف هي الضحية وان من يسقط مضرجا بدمائه هم من الناس المسالمين اما الاشرار فانهم يرتعون بالنعيم والمرابع الخضر التي صنعها لهم  الاسياد الذين جاؤا بهم وحينما ترى الصراعات الشديدة والحروب السرية تجدها من اجل المنافع والمناصب والامتيازات والكراسي العاجية وياليتهم كانوا من المطلعين على اراء الفلاسفة والمفكرين وقادة الرأي الذين تزخر بهم الانسانية  ليتعلموا بعض ماتزخر به افكارهم النيرة يقول الدلاي لاما ( اكثر ما يدهشني في الكون – الانسان – لانه يضحي بصحته من اجل المال , ثم يضحي بالمال من اجل استعادة صحته , وهو قلق جدا على مستقبله لدرجة انه لا يستمتع بحاضره .. فيعيش كأنه لن يموت ابدا .. ولكنه يموت وكأنه لم يعيش ابدا )

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب