18 نوفمبر، 2024 5:54 م
Search
Close this search box.

بين المثقف والمبدع المتميز..الاستاذ أمجد توفيق مثالا

بين المثقف والمبدع المتميز..الاستاذ أمجد توفيق مثالا

مبدع آخر من مبدعي ومثقفي العراق ، تجاوز حدود الابداع والثقافة الى مايمكن ان يطلق عليه ” الموسوعي اللامع ” ، يغترف من بحور الثقافة والمعرفة ما يوزن جمالا من الذهب والمعادن النفيسة!!
ليس بمقدورك ان تصنفه من أي جيل هو ، من اجيال الادب والثقافة والابداع ، كلما حاولت الاقتراب منه تجد ان المسافة بينك وبينه طويلة وشاقة، ويتعذر عليك ان تقترب من شواطئها الا بقدر معقول، وهو مايسمح لك سعيك لمجاراته دون ان تجد بمقدورك الا ان تترك مسافة معقولة بينك وبينه ، حتى لاتغرق في اعماق مياهه الهادرة او يصيبك الغثيان من شدة ما ستواجهه من أهوال عندما تسعى للاقتراب من شواطئه ، وكأنك في رحلة سفر شاقة في بحر الظلمات!!
لكنه واضح كوضوح الشمس لايتلون ولا يهوى فلب اعناق الحقيقة أو يقبل بالمراوغة معها  أو الالتفاف عليها ، يقول كلمته بلا خوف أو تردد حتى وان أغضبت الكثيرين أو لم تعجبهم ، شامخ كشموخ العراق في أعماق حضارته وسعة معرفته ، ويغترف من مياه دجلة والفرات منابع إبداعه الفلسفي والأدبي والثقافي عموما لكنها ثقافة من نوع خاص ،وهو ربما يتمنى دوما لو ان العراق قد أوقعته الطبيعة قرب أحد المحيطات، لكي يكون بمقدور من يلج  من أغوار الثقافة وعالم الابداع أن يستزيد منها ، وهو ينهل من سحر الطبيعة وجمالها الخلاب ما يمكن ان يداعب مخيلة هذا المبدع المتميز على كل أطر وجوانب الابداع، وكانك امام مثقف عملاق ارتقى الى مكانة أؤلئك الكبار من أعمدة الثقافة والادب والعلوم ممن كتبوا في سفر العراق مايخلد ذكرهم الطيب لقرون، وهو قليل الانتاج الثقافي، بالرغم مما صدر له من روايات ومقتطفات ادبية ابداعية هنا او هناك ، لكن موسوعيته الثقافية والعلمية حين تقابله او يتسع لك الوقت لمحاورته او الدخول في جدل فلسفي معه تكفي لمجلدات من الفلسفة والنظريات ، وكم تتمنى لو يكون بمقدورك ان تلم ببعض من إضافات هذا الرجل، الذي يفتخر العراق بأنه أحد نجومه بل كواكبه المضيئة علما وثقافة واخلاقا وأدبا جم وقيما وابداعا ونظريات وفلسفات ، وما ان تريد ان تغترف من أي علم من علومه حتى تجد مبتغاك في ان تشبع نهمك مما انت تحلم به من امنيات وما يختلج في دواخلك من معالم الابداع، ويكبر بك لينقلك الى عوالم انت تجهل عنها الكثير، او ربما لم تكن لديك القدرة على مجاراة تلك الثقافة الموسوعية التي أودعها الله في عقل هذا الرجل وضميره، حتى اوصلته الاقدار الى تلك القيمة الابداعية النادرة كندرة المعادن النفيسة والمياه النقية بين ينابيع الطبيعة وسحرها الخلاب!!
رجل ليس من السهولة ان تخوض في مكنوناته ، لكنك ما ان تقترب منه لفترات اطول ، حتى تجد انه ليس بمقدورك الا ان تستزيد من غزارة علمه وسعة مداركه، يحول الكلمة الى لغة مصقولة  موجزة بليغة يختزل بك البلاغة الى أقصى حدودها ، ويخرج منه النص الابداعي رشيقا حلو المذاق طيب المنبع ، وقد يحول بعض الكلمات الى سيوف يقاتل بها، في الوقت الذي يطوع الكلمة في وعاء آخر او مناسبة أخرى ليجعل منها ابداعا سحريا يداعب مخيلة الحالمين بالمجد، أو ربما يبلغ بك عندما تقترب منه مبالغ أمراء الحرب وأمراء السلام، فهو لايهوى الحرب الا في إطار المعرفة الانسانية، “حرب العقل والمعرفة” وسيفه عقله وجواده هو هذا الخيال الجامح الذي يصهل بعالمه ، حتى لتجد انك أمام فارس مغوار يلوي ذراع منافسيه، ومن يود مبارزته، حتى لتتخيل نفسك امام مبارزة من نوع خاص قد تضطرك للتراجع عن مواجهة سهامه، ومع هذا تبقى تهوى تراقب مشهد المعركة التي يود الخوض فيها وكيف يرمي سهامه لانها لاتصيب أيا من جسمك بكدمات، بل تزيدك قدرة على ان تبلغ مديات الرجال المحاربين بسلاح المعرفة والثقافة فوق قدراتك المعرفية ان صح التعبير، إذ إن محسوساتها صعبة الادراك الا عندما تبلغ من العلم رسوخا وعلو شأن!!
انه الكاتب والصحفي والاديب والروائي والاعلامي والموسوعي العراقي الاستاذ أمجد توفيق، الذي وهبه الله من قدرات الابداع والتميز الفكري الخاص ما يشكل جبلا من جبال الابداع الشاهقة، كلما حاولت الصعود وان تلج وديانه ومرابعه، لتصعد الى أعالي قمته حتى تعود قهقريا الى الوراء!!
من مواهبه التي من الله بها عليه ان لديه في القدرة على تطويع الكلمة وان يستخرج من معادنها، كلمات مصقولة تغنيك عن قراءة كتب ومجلدات، فتقف حائرا امام كل هذا الرجل الذي تتدفق مجريات الابداع من قلبه وقلمه، مايجعلك ترتجف ان حاولت الاقتراب من شواطئه، لكنك ستبقى في كل الاحوال بعيدا بمسافة ما عنه حتى وان سعيت لأن تمتلك أرثا ثقافيا ومعرفيا يدخلك في منتجعات الابداع ، وكلما حاولت الاقتراب لشغف في معرفة قيمته الإبداعية تشعر انك أمام بحر متلاطم الأمواج، ليس بمقدورك مضاهاة أمواجه او معرفة الى أي المديات بمقدورك ان تغوص في اعماق تلك البحيرات التي تتدفق عذوبة ورقة وسماء صافية رقراقة، تجد فيها كل مايشدك الى سحرها الخلاب.
المبدع المتميز في العراق ممن على هذا المستوى من الرجال هو من شق طريقه وسط منظومات فكرية واخلاقية وسياسية ويخرج من كل هذه المنظومات بإطار جديد مختلف تماما، ويضيف الى المعرفة الانسانية ما يشكل عالما خاصا به، يشكل إطار ابداعه وتميزه وإضافاته الفكرية، فهذا مالايتوفر للكثيرين ممن ولجوا عوالم الابداع ، وصار إسما لامعا ليس من السهولة الدخول في عوالم مكنوناته الفكرية والقيمية، بعد ان بلغ شأنا من القيمة الابداعية ما لايمكن بمقدور أحد من ان يجاريه او يقترب من شواطيء إبداعه ، ولهذا تبقى هناك مسافة يصعب على الكثيرين الولوج في مياهها وسط صخب البحر الهائج دوما، وهو مايؤهله لأن يبقى أحد أهم الروافد التي تسقي بحور الابداع ويرتشف منها محبوه ومن أهلتهم الاقدار للإقترب منه ان يجدوا فيه مبتغاهم الى حيث علو المنزلة ومنازل الكبرياء!!
السؤال الذي يراود الكثيرين ممن يعرفون عنه ثقافته الموسوعية، لماذا لايحب هذا الرجل تسليط الأضواء عليه في وسائل الاعلام، وتبدو اجابته مقنعة الى حد ما ان حال الزمان الذي نعيشه، وما يواجهه من اهوال، وعزوف كثير من المبدعين عن الظهور ،واهمال الكثيرين للثقافة وللمبدعين وعدم الاكتراث بهم وبقيمتهم الفكرية والاخلاقية هو ما يرغم الرجل للابتعاد عن الأضواء، لكن كثيرا من المبدعين في مجالات الادب والثقافة والاعلام يدركون معنى مايحمله الاديب والاعلامي الكبير أمجد توفيق من بحور الابداع، مايشكل زادا يغترف منه كل حالم بمجد او الصعود الى حيث ما يتمنى الاخيار ان الكواكب اللامعة ليس بمقدور الغيوم والسحب وامطارها الكثيفة ان تحجب أضواءها، ان لم تزدها تالقا وعلو شأن، وهو مالا يتوفر الا لقلة قليلة وهبها الله كل هذه الخصال الفريدة والمواهب النادرة، لكي يبقى إشعاعها يتوهج ونورها يضيء ، ويبقى برغم إشكالات الزمن الثقافي الرديء هو أحد رجالات الثقافة والادب والاعلام وعملتهم النادرة ممن يشار لهم بالبنان!!

أحدث المقالات