اعتقد ان الملف النووي والاتفاق الذي تم بين ايران واوروبا والمسمى 1+5 يعود مرة اخرى نحو الطريق الذي يمكن الاطراف من ايجاد الحلول المناسبة بالجلوس الى طاولة الحوار من جديد بينما نرى ان اللغط الامريكي في التعاملات الدولية لازال مرتبكاً فاق كل شيئ وقلل من هيبتها منذ ان دخل الرئيس الامريكي دونالد ترامب البيت الابيض وامتداد التوترات من الولايات المتحدة إلى ما بعد منطقة المحيط الأطلسي وهو يتنافى مع المعهود من العلاقات الدولية،والتي تعرف و ينظر إليها باعتبارها تشكل نسقا مترابط المكونات والأبعاد وتتفاعل عناصره ووحداته جميعها؛ حيث يؤثر كل مكون منها على الآخر ويتأثر به بينما لا تستوعب واشنطن هذالمفهوم او التعريف ، وتريد ان تحافظ على بقائها المهيمن الأول على السياسة والاقتصاد العالمي، والإبقاء على حالة التفوق العسكري بتطوير أنظمة دفاعية وعسكرية تضمن لها السيطرة وتعمل على تحييد القدرات العسكرية للدول الكبرى الأخرى في العالم وفي الترويج لتجارتها عن طريق ارعاب دول الخليج من الهيمنة الايرانية على المنطقة كما تدعي . فكذلك هي بالنسبة لسياستها في الشرق الأوسط بموجب صراع العلاقات والمصالح، يزيد من وتيرة العملية الدبلوماسية، حيث يعتبر صراع ترامب الان مع مجموعات ذات هويات مختلفة، مثل وسائل الإعلام الليبرالية والعالمية، ورؤوس الأموال، والبيروقراطيين،والخصومات والتهديدات مع البلدان أحد أهم الأسباب التي جعلت منها منصة لخوض صراعاته بشكل يومي و في فترات قياسية يخرج ترامب من الاتفاق النووي مع ايران مثلا ، ويعيد فرض الحظر الامريكي الظالم عليها ،ويسمي اكبر مصادر امواله بالبقرة الحلوب ويستخف بالقادة العرب بتعابير ركيكة بل ويعلن الحرب على العالم كله، حتى اوثق حلفائه في اوروبا والعالم، وكبريات الدول كالصين وروسيا لمنعهم من التعامل مع ايران تجاريا واقتصاديا، وجند كل امكانياته لمطاردة كل دولار امريكي يمكن ان يدخل ايران، وصنف، في اجراء غير مسبوق، حرس الثورة الاسلامية في ايران وهو جزء مهم من الحزام الامني لها ” كتنظيم ارهابي ” وارسل حاملة طائرات وقاذفات بي 52 وبطاريات باتريوت، وجنود الى منطقة الشرق الاوسط، وهدد بمحو ايران من الوجود، ولكن في عشية وضحاها، تراجع ترامب عن كل مواقفه ، وحتى عن شروطه الاثني عشر، واخذ يغازل ايران ويتودد اليها ، واخذ يدعو وبشكل ملفت ، الايرانيين، للتفاوض معه ، واخذ يرسل الوفود المختلفة الى طهران من اجل ذلك.واليوم يعاني العالم الغربي أزمة وجودية بسبب هذه التناقضات مما مكن للقادة والمسؤولين والأطراف المؤثرة في الاتفاق النووي عناصر تشجع على مواصلة البقاء في الاتفاق النووي ، وهي القيم المشتركة، والمصالح، والقواعد، والمؤسسات .وقد استهدفت دبلوماسية الرئيس الامريكي دونالد ترامب قبل فترة فرنسا بسبب دعوتها لإنشاء جيش أوروبي موحد، لكنها قوبلت من قِبل ماكرون وميركل بالدعوة إلى “أوروبا أكثر قوة وسيادة” . وفي مبادرة مخالفة صارخة لقرارات الامم المتحدة والاعراف الدولیة والتزاماتها ومعاییر حقوق الانسان، اثبتت بانها لیست فقط غیر ملتزمة بای مبادئ، بل انها لا تمتلك ایضا ادراكا وفهما صحیحا تجاه الاوضاع القائمة فی المنطقة والعالم . والمصيبة فجر ترامب كذبة لللاعلام العالمي “بعد ان كان الجيش الأمريكي كان مستعدا “وبجهوزية كاملة” لضرب إيران، لكنه غير رأيه قبل عشر دقائق من الضربات المخطط لها كما قال الرئيس ترامب إنه ألغى الضربات عندما قيل له إن 150 شخصا سيذهبون ضحايا لتلك الضربات” في حين انه وبشكل علني يحارب 84 مليون انسان اخر يعيش على تراب ارضها اقتصادياً دون ان يعير لذلك اهتماماً .
اما حقيقة الامر ان توقفت واشنطن عن اللجوء إلى الحل العسكري وأصبحت تروج لضرورة إيجاد حل سياسي ومع تخليها عن هذا الخيار لعدم وجود صلاحيات لاتمام العملية وما سوف تخلفها من حرب لن تنطفئ بسهولة و الى تضيق الولايات المتحدة من هامش مناوراتها وتقلل من أدوات الضغط على طهران ومما زاد الأمور تعقيداً عليها اسقاط الطائرة الامريكية بدون طيار ( RQ -4A ) بعد اختراقها اجواء الجمهورية الاسلامية الايرانية قبال منطقة كوه مبارك التابعة لمحافظة هرمزكان جنوب ايران بنيران الدفاع الجوي للقوة الجوفضائية للحرس الثوري الذي اعلن إنّ اختراق الأجواء الإيرانيّة خط أحمر ، وأنّ بلاده والقول للحرس الثوري ترفُض الخطوات الاستفزازيّة التي تمُس سِيادة البِلاد ” لا شك ان الكبرياء الامريكي اصيبت في صميمه ومرغ انفها بالتراب ” وبغَض النّظر عن الجِهة التي تقِف خلفها، ، والتّفسير الوحيد، والأقصى لهذا التّهديد، أنّ المَخفي أعظم، والقادِم أكثر شراسةً وواشنطن الان في سعى دائما الى تحقيق اهدافها عن طريق الحظر الاقتصادي واثارة الفتن الداخلية والضغوط النفسية والحروب بالنيابة في المنطقة لكنها تواجه الفشل لعدم وجود من ينيب عنها ولم تستطيع تحقيق مكاسبها شيئا.ونقلت وسائل الاعلام عن مسؤول في إدارة ترامب قوله إن إعداد العملية كان يسير بشكل جيد حيث أقلعت الطائرات واتخذت البوارج الحربية مواقعها عندما قرر ترامب إلغاءها قبل إطلاق أي قذيفة بعشر دقائق وهذه كذبة كبيرة تحسب على ادارة ترامب لان اعلن الحرب ليس من صلاحيات الرئيس الامريكي انما الكونجرس وحده هو الذي يملك سلطة إعلان الحرب في أمريكا، ولا يمكن لأي رئيس أن يُعلن الحرب أو ينادي بها، لكن يظل له حق رفض شن حرب – بعد موافقة الكونجرس -، عبر الامتناع عن التوقيع على الإعلان.
وفي ظل مثل هذه الحرب النفسية يحاول ترامب ان يجر الشعب الايراني الى الحوار والرضوخ لمطالبه وبلاشك و من الواضح أنّ الرئيس ترامب يريد أن يحظى بمراده من جميع النواحي. فهو يلجأ إلى العقوبات لتخفيض صادرات النفط من إيران مضيّقاً بذلك الخناق على أسواق النفط العالمية، ويشتكي في الوقت عينه عند ارتفاع أسعار الوقود الأمريكي ولكن اكثر دول العالم لا تبالي ومن المستبعد أن توقف وارداتها من النفط الإيراني بالكامل. لان إيران تمثل صلةَ وصل استراتيجية مهمّة تربط آسيا والشرق الأوسط كجزء من مبادرة الحزام بالإضافة إلى ذلك، لا يحبّذ أن يظهروا وكأنهم يُخضِعون مسار علاقاتهم لصالح مطالب الولايات المتحدة وعنجهيتها …لكن هذا الشعب سيبقى صامداً و تحولت الالة عندهم الى قوة عالمية تخشاها القوى الكبرى ومن اجل الدفاع عن حقهم وستفشل كل السيناريوهات المعادية.وغلبت الحكمة الايرانية على العنجهية الامريكية لحد الان على الاقل.