القائد : اسم : وهو الذي يقود الجيش ويتدبر أمره ، وهو الذي يستطيع التأثير بالناس ليحققوا أهداف مشتركة ، والقائد يأخذ الناس إلى حيث يريد
القوادة : مصدر فاعلة ويقال قواد على وزن فعال للمبالغة ويراد الساعي بين الرجل والمرأة للفجور ، والقواد مصطلح من كلمة قود والتي تعني من اشتقاقاتها الغوية المشي أمام الدابة آخذاً بقيادتها ، قالت العرب قود تقويدا وتقوادا الدابة أي مشى أمامها ، والقواد هو الذي يقود الرجال والنساء للزنا ، واللفظة أصبحت تطلق على كل من يحترف مهنة البغاء فيؤجر نساء المتعة للرجال مقابل عمولة أو مقابل ثمن مادي أو عيني .
من خلال الاطلاع على تاريخ البغاء والقوادة نكتشف انه قدٌر يلازم البشرية لا سبيل إلى الخلاص منه وهو باقي ما بقيت البشرية وما تقلبت الأيام والدهور .
الفرق بين القيادة والقوادة عبارة عن خط رفيع بالإمكان قطعه بأي لحظة ، كما بالمكان أن يبقى متينا ابد الدهر ، حيث هناك خط فاصل بين العمل الإنساني المحترم النبيل وبين العمل الإنساني المنحط ، فالقائد الذي يقود لأغراض نبيلة دون أن يحدد مكسبا شخصيا له يختلف جذريا عن القواد الذي يقود لأنه احترف مهنة ترتكز على الرذيلة وتعتمد عليها كمادة أساس في المنتج الذي تُقدم . ولكن القوادة والقيادة اختلطت في عراق الرافدين وهذا موضع بحثنا والذي نريد أن يستنتجه القارئ العراقي للوقوف على حقيقة صارخة تتمثل بان اغلب قادة العراق تحولوا إلى قواوييد وسأبين ذلك تفصيليا .
لكل من القائد والقواد صفات يمتاز بها الواحد عن الآخر فالقائد شخصا مختلفا عن الديوث لان الديوث التزم بصفة الساكت عن الحق ويلتزم بصفة الكذب ، والتربح من الحرام ، القابل للاهانة والوضاعة ، والمتخلي عن النخوة ، بينما يتصف القائد بالنزاهة والعمل بضمير وجد ،والمسؤولية ، والنخوة .
القواد يبيع سلعة لا يجوز بيعها وفق كل المعايير والأعراف والأديان الموجودة والتي تعتمدها البشرية ، والسياسي أو القائد الفاسد يبيع شعب بأكمله يبيع حاضر الشعب وماضيه ومستقبله وهذا قطعا أسوء من فعل القوادة ، فالقواد يتحكم بحياة عاهر واحدة أو عدة عواهر لا تتعدى حسب خبراء القانون المئات وهو ما يطلق عليه ( الشبكة ) ( شبكة دعارة ) ولكن القائد الفاسد والذي لا يلتزم أخلاقيا اتجاه شعبه يتحكم بحياة شعب بأكمله ، ولا نبالغ عندما نقول إن فعل قوادة القواد قد يكون ناتج لفعل قيادة قائد فاسد ، فالمجتمع يتفكك وتختفي معايير الشرف والشهامة والنخوة تحت ظل قيادة قائد فاسد ارعن جعل الناس تعيش في ظروف الفقر والتشرد . وحيث إن الفقر يكاد يكون السبب الأقوى في دفع الناس إلى امتهان القوادة والدعارة وهذا تتحمله الحكومات المسئولة عن اقتصاد البلاد بالدرجة الأولى ،وعن امن المجتمع بالدرجة الثانية ، والمثال الأبرز هو الانحدار الأمني في العراق والذي خلف أكثر من ثلاثة ملايين أرملة وخمسة ملايين يتيم لا يملكون سوى رحمة الرب ، والوضع الاقتصادي في ظل حكومات النهب والفساد وضياع مليارات الدولارات بفساد منظم تقوده أطراف حكومية نافذة سبب التطور
الحاصل في القوادة وانتشار البغاء بشكل لم يسبق له مثيل ( والي ميصدك خلي يروح لبغداد ويشوف الملاهي وأوكار الدعارة المنتشرة بكثرة وتحت حماية القانون ) .
لقد حول قادة العراق السادة أصحاب الفخامة والدولة والمعالي بفسادهم وانحطاطهم وسرقاتهم الكثير من الناس إلى قواويد وقحاب وهم هنا ( السياسيون ) تحولوا أيضا إلى قواويد من طراز خاص حيث إن (القواد حسب علماء النفس هو إنسان متلبد الأحاسيس ، منحرف نفسيا ، يتميز بجمود المشاعر ، لا يهمه شيء سوى الحصول على المال ، القيم والمبادئ لا تشغل باله ولا يهتم بها ، كما انه لا يحس باخطاءه ، والضمير عنده ميت لا يحاسبه على أي شيء ، وهو شخصية مغامرة فهو يخاطر بنفسه والآخرين ولا ينتظر سوى المقابل المادي ) (حسب رأي الدكتور ممتاز عبد الوهاب وكتاب القوادون والسياسة ) ، ولك سيدي القارئ أن تقارن حال العراق في ظل أسوء كابوس يجثم على العراق والمتمثل بداعش التي كانت نتيجة حتمية لغباء القادة والساسة في العراق والتي خلفت برعونتها ملايين النازحين في مختلف بقاع الأرض .
قبل أيام نشرت مواقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) تحديدا موقفا عاشه احد الشخصيات النافذة والسياسية في محافظة صلاح الدين ويتلخص بأنه شاهد سيدة من محافظته وهي تستجدي في احد تقاطعات بغداد وكان نتيجته أن أقام صاحبنا الدنيا ولم يقعدها على منابر التواصل الاجتماعي متناسيا انه كان بإمكانه أن يمُد يد المساعدة لهذه السيدة وغيرها من أبناء مدينته واكتفى بالزعيق والصراخ على ( الفيس بوك ) باعتباره اضعف الإيمان ، وانه وغيره من أصحاب القرار من الساسة القواويد هم السبب الذي أوصل سيدة شريفة حرة ( ومثلها آلاف ) أن تستجدي لتعيل أطفالها ، والغريب إن الشعب سيُعيد انتخاب ( الشكولات الزفرة ) من قواويد السياسة مرة أخرى بعد انتهاء ملف داعش الذي استباح الأرض والعرض انطلاقا من مفهوم الطائفة والعشيرة .
يورد عبد الله كمال في كتابه انحلال الصفوة : ( القواد يتصف بالعدوانية وسوء السلوك وهو دائم الكذب بمناسبة وبدون مناسبة ويميل لإيذاء الآخرين حتى بدون أن يعرفهم ، والقواد يعمل في السر والخفاء ويقبل أن يجني أرباحه من عرق الآخرين وهو يبيع طرف إلى طرف ) وبالرجوع إلى خلفية القوادين نلاحظهم من ذوي الخلفية التي تتميز بالذكاء المنخفض والفشل المدرسي ، والقواد وهو يمارس تجارة الرقيق الأبيض لا يعدو عن كونه ديكتاتور باطش ظالم يفعل أي شيء كي تسود سلطته فوق أجساد البشر ، ولا يقبل الرأي الآخر ، وإنما يوافق على الرأي الذي يخدم أغراضه ، وهو بكل بساطة ديكتاتور من اجل المال لا يختلف عن ديكتاتور السلطة الذي له رعية ، وشعب يقوده في اتجاه أهدافه بالقسوة والعنف ، والقواد له رعية أيضا ويبدو كأنه راعي خراف ليس هدفه أن يحمي قطيعه وإنما هدفه الحفاظ على القطيع لكي يبيع صوفها ولبنها ولحمها لأي مشتري ، بالإضافة إلى إن القوادة طريقة للكسب لا تحتاج إلى رأس مال أو تعليم ولك أن تبحث سيدي القارئ عن الشهادات المزورة لدى ساستنا وعن الخلفية الاقتصادية لكل منهم فمن صاحب جنبر إلى قائد ،ومن نائب ضابط إلى وزير، ومن ( مسربت ) في شوارع أوربا يعيش على معونات بلاد الكفار إلى نائب أو وزير يتنعم بامتيازات لا مثيل لها ولا حصر ، و لكل ما ورد أعلاه سيدي القارئ لك أن تستنتج أوجه الشبه الكبيرة بين ساستنا في العراق والقوادين .
القواد وليد سياق عام ، انه نتاج نظام اجتماعي وسياسي فاسد ، نظام يقبل التواطؤ ، ويوافق على كتم الحق ، وإهدار الحقوق ،وابتلاع السحت ، والرضا بالحرام وكل هذا مسئول عليه بالدرجة الأولى السياسي والقائد الفاسد، وهنا اختلف مع الرأي الذي يقول إن القواد هو الرابح الأول والمؤسس والمنظم الأول لمؤسسة الدعارة وأقول انه لكي تتحول النساء إلى عاهرات لابد من توفر عناصر ثلاثة أهمها النظام السياسي المهتريء ، وثانيها انتشار مافيات الفساد ، وثالثها الفقر وهذه الأسباب تتحملها قيادة الدولة المسئولة عن النظام الاقتصادي والأمني في البلاد ،( فلولا الخبز لما عبد الله ، ولولا الرغيف لما عبد اللطيف ) ، فماذا نتوقع من إنسان جائع لا يجد ما يسد به رمقه في ظل مجتمع يعتمد شريعة الغاب يأكل فيه القوي الضعيف .
لا يفوتني أن اذكر نوع قديم جديد من أنواع الدعارة منتشر في المنطقة العربية عموما وفي العراق بوجه خاص وهو الدعارة الفكرية الذي يعتبر نوع متميز من الدعارة حيث تتضاجع الأموال مع الأقلام وتنام فيه السلطة على فراش الفكر ، والشواهد كثيرة على هذا النوع من الدعارة في العراق ولك سيدي أن تتصفح أي وسيلة إعلام وسترى العجب العجاب من تطبيل لهذا وذاك من شذاذ الآفاق من ساسة العراق الجديد ، ولله در شاعر عراقي حينما افتتح قصيدته ببيت لازال خالدا :
لماذا يبيع الأدباء والكٌتاب كتبهم ومكاتبهم في شارع المتنبي ؟
الجواب : حتى لا يبيعوا أقلامهم
حين تختفي الدولة يسيطر القوادون .