ليس جديداً على العراقيين ان نراهم يموتون بين طموحات الفرس و الروم الجدد ، فمنذُ نشأت هذا البلد كان محط انظار تلك الاقوام و مسرحاً دائماً لصراعهما متسابقين نحوه علهم يستطيعون الظفر بالسيطرة عليه ،، فنجد تاريخ ذلك البلد مليئ بالقتل والدمار على ايدي تلك الاقوام حتى قبل ظهور المسيحية و الاسلام ، مستغلين العامل الاساسي و الرئيسي لتنفيذ خططهم الاستعمارية ، الا وهو الاختلاف الفكري و العقائدي و الديني بين مكونات الشعب .. هذا العامل الذي يدأبون على ايجاد المبررات لهُ في كل زمان ويعملون على بقاءه قدر ما يستطيعون لانه العامل الوحيد الذي يستطيعون من خلاله النفوذ الى العراق و السيطرة عليه ، فنجد عامل الانقسام حاضراً في جميع مآسي العراقيين منذُ سقوط دولة بابل على يد كورش الفارسي (539ق.م) الذي استغل عامل الاختلاف الديني بين اليهود وابناء الشعب البابلي . فعندما نبحث عن فترات الضعف في تاريخ العراق القديم والحديث نجد ذلك السبب حاضراً و بقوة وما ان نبحث عن فترات قوة العراق و رخاءه نجد عامل الوحدة حاضراً بين ابناء الشعب العراقي و الدلائل كثيرة على ذلك . فجميع من حولنا يعلمون ان قوة العراق في وحدة شعبه و ضعفهُ في انقسامه ، إلا الشعب العراقي لم يعي تلك الحقيقة لحد الآن .
كيف استطاع نبوخذنصر أن يصل بملكهُ الى بلاد الشام ومصر لولا توحيده لمملكة بابل في الجنوب ومملكة آشور في الشمال .. كيف استطاع العرب الخروج من سيطرة كسرى عظيم الفرس لولا ان توحدت قبائل العراق تحت لواء بني شيبان فكانت مفخرة العرب ذي قار .. كيف استطاع المسلمون فتح بلاد فارس و بلاد الروم في الشام لولا توحيد اهل العراق تحت راية الاسلام فكانوا رؤوس الحراب في القادسية و اليرموك .. كيف استطاع العراقيون تأسيس مملكة العراق الحديثة بعد الحرب العالمية الاولى لولا وحدتهم في ثورة العشرين وانتزاع حقوقهم من المحتل البريطاني .. وكيف استطاع العراق الصمود و الانتصار في حرب الثمان سنوات امام ايران لولا وحدتهم ونبذهم لخلافاتهم ..
الاختلاف موجود حتى في العوائل المتكونة من زوج وزوجة فقط ، فلا وجود للتشابه التام بين البشر و الاختلاف فطرةٌ خلق الله الانسان عليها .. ولكن من استطاع أن يسمو فوق اختلافاته وجد في حياتهِ الراحة و الاستقرار .
هنا يأتي التساؤل .. من الذي يريد لعراقنا الانقسام و الفرقة كي يعيش هو براحة و استقرار ؟؟ من الذي يخافُ من وحدة العراقيين وتماسكهم تحت مسمى واحد اسمه العراق ؟؟ من الذي يفكر و يزرع و ينشر افكار الاختلاف بين ابناء الشعب العراقي ؟؟ وماهي الدواعي و الاسباب التي تدفعهُ لذلك ؟؟ مما يخافون !!
جميع اجوبة تلك التساؤلات ستجدها في الذين يرتجفون رُعباً من اي بادرة وحدة تجمع بين ابناء الشعب العراقي ويحاولون ان يقبروها في مهدها ، لانهم يعرفون ان نهايتهم ستكون فيها.. كل الذين أرعبتهم المظاهرات الموحدة في ساحة التحرير ومطالبتهم بعراق واحد موحد يحترم الانسان والانسانية ويحترم حقوق مواطنيه هم من يستميتون في تقسيم الشعب .
عوامل وحدة العراقيين كثيرة فلا تنخدعوا بأسباب اختلاف ثقافاتنا و مذاهبنا و أدياننا التي يحاولون توسيعها من اجل ضمان سيطرتهم علينا وارضاخ ارادتنا في الحرية و العيش الكريم تجاه مخططاتهم القذرة التي تصب في مصالحهم حتماً.
حقيقة يجب أن اذكرها ، ان من يستطيع ان يوحد العراقيين سيصنع بهم المعجزات.. رسالة نوجهها لمن نأمل فيه ان يكون هو ذلك الرجل الذي سيوحد العراقيين … فكُن الى جانب الشعب ولا تخف ، فهي الجهة الوحيدة التي لن تتخلى عنك في محنتك … من وجد في هذا المقال تجريحاً لهُ ، فليتأكد بأنه ليس عراقياً.