رفض الرئيس جلال طالباني منطق “العصا” في حل الازمة السياسية واستبدلها بـ “الوصفة الطبية”. فطوال الاسابيع الماضية طغى مفهوم العصا السحرية حينا وغير السحرية حينا اخر على الاحاديث والتصريحات التي كان يدلي بها عدد من السادة النواب بشان الدور الذي يمكن ان يضطلع به رئيس الجمهورية في حل الازمة السياسية. لكن طالباني وخلال مؤتمر صحفي مع نائبه القديم وغريمه الحالي نوشيروان مصطفى قال وبالفم الملان انه “لايملك وصفة طبية” لحل الازمة.
وقبل ان اطرح السؤال التالي وهو .. هل من الضروري ان تكون هناك عصا سحرية او عصا موسى او وصفة جاهزة لحل الازمة؟. قبل ان اجيب اقول ان اللقاء الذي جمع رفيقي الامس القريب جلال طالباني ونوشيروان مصطفى مع كل ما حصل من خلاف عميق بين الطرفين والذي تعدى الخلافات الحزبية او السياسية او المالية ليمتد الى الشارع بين انصار الاتحاد الوطني وانصار غوران مع انهما ولدا من رحم واحد عبر مواجهات وصلت حد التخوين والاغتيالات والاعتقالات الا يمكن ان يصلح بان يكون مؤشرا ودرسا لسياسيي بغداد؟. فمنطق السياسة الدائم هو الممكن وليس المستحيل. ومنطق الحياة هو العفو والتسامح وطي صفحة الماضي مهما كانت هذه الصفحة سوداء او حمراء او بنفسجية. قد لايترتب الشئ الكثير على لقاء الطالباني ومصطفى ولكن في الوقت نفسه فان اللقاء بحد ذاته امر في غاية الاهمية في ظل الظروف الراهنة وهو تعبير جدي ان كلا الطرفين يضعان مصلحة كردستان فوق كل اعتبار. اما من تنازل لمن؟ طالباني ام مصطفى فان هذا المنطق عفا عليه الزمن ولم يعد له وجود في عالم متداخل ومتشابك في كل شئ.
اعود الى ما طرحته من سؤال بشان العصا والوصفة واجيب ان الامر في هذه الازمة او في سواها من الازمات لايحتاج لا الى عصا ولا الى وصفة. لاعصا سحرية ولا وصفة طبية. بل يحتاج الى ارادة وتصميم وقبلها نوايا حسنة والاهم من النوايا الحسنة وضع مصلحة الوطن والمواطن في المقام الاول. فهل ما نتابعه من تصريحات وتصرفات بل “جفصات” سياسية يتساوى فيها كل الاطراف بدون استثناء يمكن ان يجعل المرء يطمئن الى ان الازمة في طريقها الى الحل؟ وان هذا الحل سوف ياتي عن طريق مؤتمر وطني تناقس فيه حزمة اصلاحات؟ الاجابة كلا طبعا. والاسباب واضحة.. فلا المؤتمر متفق عليه اسما ومسمى. ولا طاولة الحوار متفق عليها .. كيف ستكون ومن يحضر ومن لايحضر؟ وهل القرارات التي يتخذها المؤتمرون ملزمة ام “كلمن وضميره” بالتنفيذ؟ وهل ورقة الاصلاح جديدة وبـ “الباكيت” ام هي اعادة تجميع لـ “شوية” من اتفاقية اربيل الاولى ونتف من اربيل الثانية وست دراهم من لقاء النجف وابو .. مارتن كوبلر الله يرحمه؟ .