23 ديسمبر، 2024 6:05 ص

بين الطف والحشد، حكاية ساتر!

بين الطف والحشد، حكاية ساتر!

العشرون من صفر من كل عام هجري، ذكرى اربعينة سبط الرسول الاكرم محمد بن عبد الل..(ص)، الحسين بن علي بن ابي طالب”ع”، وهو اليوم الذي اُعيدت به الرؤس الطاهرة الى الاجساد المطهرة، بعد ان قُطعت عنها في ابشع جريمة حلت على البشرية، في واقعة الطف بين النواويس وكربلاء.
يبدأ العد التنازلي في كل عام قبل خمسة عشر يوما او اكثر، بتوافد الزائرين نحو تلك البقعة الحسينية، لتجديد العهد والوفاء لأصحاب الطف، وهم يرددون “ياليتنا كنا معكم”، طبيعة المجتمع البشري المائل لحب الحياة، والتمتع بها، وطلب الزيادة في العمر، ولو زاده الل.. في عمره لقال هلا من مزيد! ترفض هذا التمني فيما لو تجرد الانسان من مشاعره، حين يقع في مقصلة الخوف، وكان البعض يشكل ويكاد يجزم بأن الحسين سيبقى بلا ناصر او معين، لو كان في زماننا هذا، وستعاد الاحداث نفسها.
المذهب الذي ذهب اليه هؤلاء في تفسيراتهم، لم تكاد تتعدى الاهازيج الشعرية، والنظم النثرية من بعض العقول الخاوية، والتي لم تستند في اراءها الى الدليل والمعرفة، والبعد الزمني والمستقبلي في قراءة وتحليل الامور.
خرج الحسين للأصلاح، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا شعاره الذي سطع على طول السنين، ليبقى راية خفاقة، لكل التحرر ونبذ الظلم والعبودية، والعيش السليم، دون تجاوز على الحريات والاعراف والنظم والقوانين الدينية والانسانية، وعدم الخضوع للمفسد الذي يعيث بالارض فسادا وجورا.
2014 وبعد سقوط كبريات مدن العراق، وتكرر الاعتداء على الاقليات، واغتصاب النساء، والقتل والتجريم الذي ساد المدن التي سقطت بيد التنظيم الارهابي داعش، ليقوم التنظيم بأفعال مشينة يندى لها الجبين، من اعتداء سافر على الاديان، والمعتقدات، والحضارة، والعرق، والطائفة، ولم يتوقفوا عن هذا! بل راحوا يشوهون الفكر الاسلامي، من خلال تجنيد الصبية والفتيان، وعمليات ممنهجة لغسل الادمغة والعقول، تحت ذريعة الدين الاسلامي الحنيف!، لتعاد الحقبة الاموية في فترة يزيد، والتشابه في افعاله مع افعالهم.
صرحت النجف بفتوى الجهاد الكفائي، لتهب الجموع الغفيرة وهي تلبي نداء المرجعية، والدين، للدفاع عن الوطن والعرض، والارض والمقداسات، ليذهب اصحاب “ياليتنا كنا معكم” من اقصى مدن الجنوب، الى اقصى شماله، ولا يريد من ذهابه من الحكومة جزاءا ولا شكورا، غير تلبية لنداء العقيدة والدين، ليطالب بالاصلاح، والامر بالمعروف، ليرد الظلم عن المناطق التي اغتصبت، مضحيا بالغالي والنفيس، وبدماء فتية، وبعمر الورود، فهل اثبتوا حقا نداء “ياليتنا”؟
اليوم ومع اقتراب اربعينية الحسين بن علي”ع”، وتوافد الحشود المليونية عليه، فأن هنالك حشد اخر يسطر اروع الملاحم في جهاده، في سوح الوغى والقتال، وهو يدافع عن الارض والمقدسات، ليضاهي اصحاب الحسين “ع” في فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدى.
يبقى الحشد المقاتل في الطف، والحشد اليوم على سواتر القتال، حكاية كُتبت حروفها بأسم الحسين، لتطبق في زمانين، وبين هذه وتلك، حكاية ايمان وعقيدة وفداء، رفعتها سواتر القتال.