23 ديسمبر، 2024 11:58 ص

بين الضوضاء الحكومية والضوضاء الشعبية !

بين الضوضاء الحكومية والضوضاء الشعبية !

صدور او تشريع قانون السيطرة على الضوضاء من قبل مجلس النواب يوم الأثنين 14 9 بدا وكأنه حالةُ ضوضاءٍ و غوغاءٍ فكرية وسيكولوجية ضمن الضوضاء الشمولية التي يعيشها العراق .! , بل أنّ السيطرة التي لا يمكن لها من السيطرة على الضوضاء قد تثير التهكّم والتندّر ولاسيما اذا كانت تغذية الضوضاء ومصادرها ومنابعها هي من الجهات الرسمية الفعّالة في الدولة , فماذا يعني أن تستيقظ الناس مبكّرا وقسراً على اصوات الرصاص المدويّة عند التدريب على الرماية من بعض الوحدات العسكرية في داخل العاصمة , هل هي احترام لمشاعر حقوق الأنسان والتي لها وزارة متخصصة بهذه المشاعر والحقوق  , ومن ذا الذي سيمنع حدوث ذلك وتكراره .! , ثمّ ولعلّه الأصعب من ذلك هو كيفية السيطرة على عجلاتٍ أمنيّة او حزبية وهي تقوم بتشغيل الصفّارات المنصوبة عليها في ساعاتٍ متأخّرة من الليل والشوارع شبه خالية من المركبات والطرق أمامها سالكة .! , ثمّ ايضا ماذا تعني انغام الرصاص الحي او الصوتي الذي تطلقه الوحدات الأمنيّة لتفريق التظاهرات ” وهذا ما يجري في بعض المحافظات ” وأنّ هذه الجهات الأمنيّة تابعة للقيادة العامة او لرئاسة الوزراء , ماهو تفسير تلك الأصوات , هل هي موسيقى الجاز أم ماذا , ولماذا على الجماهير الإستماع والإصغاء لصوت الرصاص النشازي .!
إنّه من غير المفهوم وغير المهضوم أنْ يصوّت اعضاء مجلس النواب على أمرٍ غير قابلٍ للتنفيذ في مجتمعٍ غدت تسوده الفوضى منذ سقوط بغداد والفوضى تستفحل وتستشري بتناسبٍ طردي , وهل فكّر النوّاب ” اولاً ” بكيفية معالجة كلّ حالةٍ ضوضائية بشكلٍ منفرد ! وهل بوسعهم منعها بالقوة والدولة اعجز من ان تقوم بذلك.!
   في سبعينيّات القرن الماضي , كان من ضمن انظمة شرطة المرور منع استخدام ” زمّور ” العجلات في المناطق التي تتواجد فيها مستشفيات او مراكز طبيّة ومدارس وما الى ذلك < والحديثُ هنا بعيدٌ عن السياسة > , أمّا الآن , وبالعجز المطلق للمديرية العامة لشرطة المرور عن فعل ذلك , فأنه وعلى العكس من النظام والمنطق , فقد صار مفروضا ” والى حدٍّ كبير ” استخدام زمّور  المركبات لتنبيه سوّاقٍ جهلة من الأصطدام بالعجلة التي يقودها المواطن , وذلك وسط افتقاد نظامٍ مروري متكامل , وذلك ليس منفصلاً كلّياً عن ال ANARCHY – الفوضى الأجتماعية والسياسية التي تعمّ العراق .
  لاشكَّ ولا ريبَ أننا ” هنا ” نضربُ ضرباً ليس مبرحاً لأمثلةٍ أختيرت بما له من علاقةٍ بما اصدره مجلس النواب حول ” الضوضاء ” والتي غدت تصريحات العديد من اعضائه هي الضوضاء بأمّ عينها .
هل فكّر اعضاء هذا المجلس , وهل بوسعهم ابتكار حلٍّ يمنع استخدام مكبّرات الصوت اثناء إقامة ” الفواتح ” ونصب ” الجوادر” داخل المناطق والأحياء السكنية , وهل ذلك ليس سوى ” ضوضاء مكانية ايضا .!
ثُمَّ , ومن قبل أن تراود اعضاء المجلس فكرة اصدار هذا القانون , فقد سبق للسلطة التنفيذية أن طلبت او منعت جموع المواطنين من اطلاق الرصاص في المناسبات الرياضية التي يفوز فيها المنتخب العراقي , ولم تستطع منع ذلك , ولا يزال هذا الرصاص ” يلعلع ” في الأعراس ومناسباتٍ اخرى , وتعزّزه الألعاب النارية القائمة الى يومنا هذا ونخشى ان تبقى وتستمر الى يوم الدين .
وكما ذكرنا , فكان على مجلس النواب أن يجري تنسيقا مع السلطة التنفيذية حول ايجاد آليّة فاعلة ومُلزمة لمنع هذه الحالات المتجذرة من الضوضاء . وبصراحة فهنالك اولويات وأسبقيات يشهدها المجتمع وكان على المجلس معاجتها قبل صدور هذا القانون ..