من الطبيعي ان يكون لمجلس النواب دورا رقابيا ومتابعا لإعمال السلطات التنفيذية والمتمثلة بشكل اساس بمؤسسات ألحكومة ومن الطبيعي ان تكون هناك حملة من تقاذف الاتهامات والتسقيط السياسي والاجتماعي.
نعم، هذا امر طبيعي وتشهد بذلك اغلب البرلمانات في مختلف دول العالم، لانه امر مفروض وبديهي ، فلولا سلطة الرقابة والمتابعة والتشريع ، لا يمكن بحال ان يستقيم عمل المؤسسة التنفيذية. ولا احسب ان تشخيص مكامن الضعف في عمل الحكومة هو من الامور التي تعرقل عملها، بل على العكس، فأن تشخيص هذه المكامن يؤدي الى تقويم العمل وتصحيح الاخطاء، فلا يوجد من يدعي انه كامل وعمله لا تشوبه الاخطاء، بل ان الشعب عندما يشاهد ان الحكومة تنصاع لممثليه (وهنا افترض ان البرلمان يمثل بحق الشعب)، اقول عندما يشاهد الشعب ان ممثليه يعبرون عن تطلعاته ويشعرون بمعاناته، وكذلك يوجهون النقد البناء الى عمل الحكومة، فأنه (أي الشعب) يحترم وتزداد ثقته ليس فقط بممثليه في البرلمان ، بل ان الثقة تتوسع لتشمل الحكومة، ومعها يشعر الفرد انه جزء من هذه المنظمة المتكاملة وهي (الشعب- البرلمان- الحكومة)، ومعها يشعر الفرد بحس المسؤولية الوطنية ويرى انه جزء من هذا البلد، ويسعى الى البناء ، لانه يشر بالثقة ان ابناءه واحفاده سيرثون بلد متكامل البناء السياسي والاجتماعي، يشعر بالثقة ايضا ان بلده ينتظر مستقبل بعيدا عن المشاكل والمعوقات وهذا يرجع بطبيعة الحال الى ان الساسة يعبرون عن تطلعاته ويشعرون بمعاناته .
اعتقد ان هذا ضرب من الخيال ، او قل حلم وردي ، ما لبث ان يتحول الى كابوس واقعي ، وهو كالتالي :
ان البرلمان العراقي لا يعبر باي شكل من الاشكال عن تطلعات الشعب ، والدليل على ذلك على سبيل المثال لا الحصر، انك يا سيدي او يا سيدتي عضو البرلمان (المحترم) لا تشعر بما يعاني منه المواطن الذي اوصلك واجلسك على كرسي البرلمان، يا عضو البرلمان عندما تستيقظ صباحا في احدى منتجعات لبنان او باريس اكيد لن تشعر بما يعاني منه المواطن الذي يسكن بيت الصفيح، عندما يركب ابنك سيارة يصل سعرها الى اكثر من 200 الف دولار امريكي، اكيد لا تشعر بما يعاني منه ابن البصرة الذي من نفط مدينته تصرف وتشتري هذه السيارة، هل ان ابناء البصرة والديوانية والناصرية مكتوب عليه ابد الابدين العمل كحراس وعاملي نظافة، هل ان ابناء الجنوب مواطنين درجة عاشرة….
ان حملة الاستجوابات الاخيرة ، وبشكل خاص قبل الانتخابات ما هي الا مزايدات سياسية وتصفية حسابات ، وليس للوطن والمواطن أي مدخليه فيها، فالدافع للاستجواب ليس مكافحة الفساد او حتى القضاء على الانحراف ، بل الامر لا يعدو ان يكون مساومات مالية واخلاقية رخيصة…