16 أبريل، 2024 3:44 ص
Search
Close this search box.

بين الثورتين البنفسجية والحمراء

Facebook
Twitter
LinkedIn

كل الاشياء لها الوان ,لان الحياة عبارة عن مجموعة الوان تتناثر هنا وهناك عبر مفاصلها , وترتدي كل الموجودات على الارض الوانا تميزها , حتى البشر لهم نصيب فيها.
وللثورات ايضا حصة في تلك المميزات او التوصيفات اللونية , وقد جاءت تسميتها بالوان السلاح الذي استخدمته الثورة او طبيعة الهدف او الظرف المحيط بها , وعادة ما تطلق اسماء الالوان على الثورات السلمية , أي التي لاتستخدم البندقية او المدفع فيسود اللون الاحمر جوانب بعضها .
فالبرتقالية ثورة شعبية سلمية حدثت في اوكرانيا وسميت كذلك عندما اكتست الساحات باللون البرتقالي , والثورة الوردية في جورجيا الي استخدم فيها المشاركون سلاح الزهور والورود كاسلوب للاحتجاج والمقاومة السلمية  , ومثلها الثورة الزهرية في قيرغيزستان .
اما الثورة الزرقاء فكانت في الكويت والتي طالبت بمشاركة المرأة في الحياة السياسية , واطلقت الثورة القرمزية على اعمال الاحتجاجات في التبت , فيما سميت التظاهرات في ايران بالثورة الخضراء , وما الثورة البيضاء الا تلك التي لايراق بها الدم .
واكمل العراق فسيفساء الالوان عندما خاض الشعب ثورته البنفسجية في الانتخابات التشريعية عام 2005, للالتحاق بركب تلك الثورات الشعبية بالوانها المختلفة وقد حققت للشعوب اهدافها سواء في تغيير الحكام او الوصول الى مطالبها , الا ان ثورتنا البنفسجية ظلت حتى اليوم تحمل هذا اللون الجميل فقط , بل ان اللون البنفسجي بدأ بالخفوت او الاتجاه نحو الزوال تدريجيا , فأمتشق اللون الاحمر سيفه معلنا الحرب في محاولة همجية لالغاء كل الالوان والتربع على عرشها .
واليوم نحاول اعادة تجربة الثورة البنفسجية , لكننا فقدنا قدرتنا على  التمييز واصبنا بعمى الالوان بعد ان اختلطت تفاصيلها وضاعت ملامحها , وبتنا لانعرف اختيار لون محدد نطلي به ثوب ثورتنا , بل ان الالوان صارت تفرض علينا , فالسياسيون هم الذين يحددونها وهم الذين يختارون تسميتها , وماعلينا الا تلوين وجوهنا باصباغ ومساحيق تتناغم وتتفق مع مرضاتهم.
من يقرأ المشهد السياسي العراقي اليوم خاصة قبل اجراء الانتخابات التشريعية في الثلاثين من الشهر الحالي , يقتنع تماما ان اللون الاحمر طغى على كل الالوان او صادرها , وصبغ الارصفة والشوارع والمساحات الخضراء , واستباح احلامنا الوردية.
فمن يوقف زحف اللون الاحمر , ومن يحافظ على لون ثورتنا البنفسجية ؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب