كم هو رائع عندما تقوم مجموعات في تعاطف انساني اخوي من المناطق الجنوبية لتتحدى كل المخاطر والظروف الغير طبيعية في المناطق الغربية وتجاوز الصعاب و المحن وتتجرد من التعصب الاعمى الذي يعمل عليه ويتوشح به البعض من المنبوذين في الساحة ومن مثيري المتاعب والازمات . ليحضروا الى الفلوجة ويساهموا في تنظيف البلدة وازالة الشوائب ومخلفات الحرب والمعوقات من الشوارع والازقة لكي يعود اهلها من النازحين اليها ويهرب من ينعق ليلاً ونهاراً عبر وسائل الاعلام من المنسوبين لهذه المدينة الى الدول المجاورة ليدعي المظلومية الطائفية الحمقاء عن طريق شلة من الساسة الغرباء عن اخلاقيات اهلنا لبث هذه النزعة المسحوقة والعنصرية التي تحاول تحقيق اهدافها على حساب المكونات العراقية . وليس في الامكان الاعتماد على مجلس النواب كمؤسسة تمثل الشعب بعد الان وبطريقة ادارته الحالية التي اربكت حياة ابناء الشعب وعطلت اماله وزعزعة المشهد الأمني وخربت الإقتصاد الوطني وجعلته رهينة لسلوكيات عقول لاتفهم منه شئ سوى الابتزاز وغير ملائمة وتفضح الإمكانات المتواضعة للنخبة السياسية التي تبذل جهودا حثيثة لنيل المزيد من المكاسب الفئوية والشخصية والحزبية التي صارت هي الآن محط اهتمامهم فقط ولاغير والأهم بالنسبة لهولاء الأشخاص الذين لم يعودوا مستحقين تسميتهم بالسياسيين الواقعيين ، بل هم شخوص متحركة تضمن مصالح فئات بعينها وليست مرتبطة بمصالح الشعب المحروم والمهمش والمعذب والمعاني من الضيم .
حقاً ان تجربة العملية السياسية اثبتت من الصعوبة بأمكان الاعتماد على ادارة العملية بهذه الطريقة من اجل النهوض بواقع العراق وانقاذه من ازماته ، وإنما يمكن تحقيق ذلك في التزام الطبقة السياسية بمرتكزات النظام الوطني الموحد الذي يُعلي من قيمة المواطن والعمل لصالحه، فمنذ الاطاحة بالنظام الشوفيني البعثي البائد و وانبثاق العمليةالسياسية وتشكيل الأحزاب والقوى السياسية التي نشطت بالعمل لمصالحها الخاصة في السلطة متجاهلة تماماً مطالب الشعب العراقي في توفير الحياة الكريمة له وكانت المصائب تترى عليه ، ومنها الدعوة الجديدة لائتلافات عابرة للطائفية والقومية التي لايمكن ان تكون الحل البديل طالما استمرت نفس الوجوه تعمل في الساحة وعينها على الاستحواذ والمنافع الكتلوية النيابية أو الحزبية السياسية فقط وطالما ترسخ في العقل الجمعي العراقي من أن الطبقة السياسية الحالية تمثل التجسيد الفعلي لكل تناقضات المجتمع العراقي
و عائقاً امام تحقيق الاهداف المطلوبة الناجية من المهلكة التي يعاني منها العراق حيث تقف حجر عثرة في طريق اي تطور سياسي و اقتصادي او اي مجال من مجالات الحياة بسبب الفساد المستشري والافق الضيقة لدى البعض من هذه الشلة البعيدة من كل القيم والتي تحاول التهميش والاقصاء … ولايمكن ان تجد ذرة من الخلق الاسلامية او الانسانية التي يدعي البعض منهم والقريبة من الاستهزاء لديهم وهي وليدة الاشكالات الشرعية والاهتزازات العقلية التي تحملها لعدم ايمانها بالبناء السليم وفق منهجية صحيحة لذلك تجد الكثير من المفاسد الفكرية المنحرفة تحت عباءتهم وهم يعتاشون على الحماية الاقليمية التي انكبت مقاصدهم في الحضيض و حملت اغطيتهم الكثير من الانحرافات الفكرية والجسدية من سوق العواهر واهدافهم اصبحت واضحة كوضوح الشمس او في الحقيقة تستهدف العراقيين بجميع فئاتهم وطوائفهم ومكوناتهم خلافاً للحكمة والحنكة .
و طرد هؤلاء من العملية السياسية يتحقق فيما اذا كانت هناك نوايا صادقة وجهود تبذل في سبيل الوصول اليه وتحتاج الى بيئة مناسبة من اجل توفيرالملاذ المناسب والمسير الصحيح والهدف المنشود لتحقيقه .
ولاشك من ان الترفع عن الخلافات الجانبية والتجرد من الانانية هو الحل الأمثل لتجاوز التحديات الحالية من الاسس المهمة لتوحيد صوت الجميع للقضاء على التفرقة والعنف الذي يسعى لهما البعض من السياسيين لتنفيذ خرائط واجندات خارجية وهي باتت مفضوحة وتاتي اكلها بين ادراج رياح الغوغاء والفوضى فقط وتنتهي عندما يستعيد ابناء الشعب عافيتهم ومتى ما اصبح قرارهم موحد نابع من الحرص على الوطن ، ولعل الانتصارات الاخيرة في الفلوجة من النماذج الحية للصمود المشترك حتى النهاية والتف حولها كل ابناء الوطن إلا القلة الضالة التي تعتاش على التفرقة ومحصلاتها من اجل ارضاء شهوات اسيادهم وتنفيذ نواياهم .
العراق ستبقى رايته تخفق في أبعد نقطة من أقصى الى اقصى ، وسيبقى شامخاً بشعبه وجنوده الابطال وحشده المبارك والقوات المسلحة الاخرى الذين ساهموا على إنجاز مهمة استعادة المدن واحدة تلو الاخرى وطرد قوى الشرمنها وكانوا عند حسن ظن امتهم واستجابة لنداء الامهات الثكالى واليتامى . وباتوا على يقين من أن المناطق المحررة لن ترضى بأقل من ان يحكمها أبناؤها بأنفسهم وهم يعيشون على الامل في العودة السريعة الى مناطقهم ومدنهم في القريب العاجل بعد تطهيرها من المعوقات التي زرعتها هذه العصابات من تفخيخ للمنازل وعبوات ناسفة . ومن هنا نحن نؤكد على اهمية تطوير التعايش السلمي بين ابناء الشعب والابتعاد عن اجواء التشنج والتوتر في هذه الظروف المهمة التي يمربها البلد وهو عبئ بلا شك تقع مسؤوليتها على جميع الاطراف والمكونات . والتأكيد على الالتزام بالقانون كما يجب ان يُتفق على وجود قيم مشتركة تحدد مسار السلوك اليومي للأفراد على الرغم من اختلاف التوجهات والأفكار، وهو هدف وروح المجتمعات المتحضرة التي تعمل على ممارسة مفاهيم وثقافة المواطنة الصالحة. ولعل المستفيد الأهم كل طبقات الشعب اولاً نساءاً ورجالاً شيباً و شباباً الذين يبحثون عن الأمن والأمان من اجل تربية أفضل وحياة مستقبلية زاهية و بعدها سعادة وطن ينهض و جيل يقود ويؤمن بالنهضة المدروسة و هي نتيجة لعملية الوعي والادراك و الحالة التي يستطيع فيها المجتمع التخلص من المعوقات والقيود التي تعيقه من الانطلاق ، متى ما تم التخلص من هذه المعوقات والابتداء في شق طريق الإنتاج فهو مجتمع ناهض بعد مضي اكثر من ثلاثة عشر عاماً اتسمت بالاخفاق التام، إذ لم تقدم الحكومات إلى بناء نظام سياسي واعد يتسم بما كان يطمح إليه جُل الشعب العراقي بمختلف مكوناته واطيافه الدينية والمذهبية والقومية و بعدعقود من الحكم الشمولي بل رسخت لنظام حكم قائم على المحاصصة الطائفية المنبوذة والتي لم يجني منها سوى القتل والدماروالاطاحة بالمال العام بالسرقة مما خلف أزمات عمقت من اختلالات البنيوية التحتية كأزمة الكهرباء والارهاب وفقدان الخدمات الضرورية والانفلات الامني ، بمعنى اوسع واشمل لم يحظ هذا الحكم وطبقته السياسية الجديدة برضا عام من الشعب العراقي بعد الان لانه فقد الثقة فيهم ، هذا الشعب الذي كان يحلم بالثرية اصبح يفتش بالثرى عن مخرج .