18 نوفمبر، 2024 1:03 ص
Search
Close this search box.

 بين البعث وداعش    

 بين البعث وداعش    

 بعيدا عن قوانين الاجتثاث والمسائلة والتهويش والتشويش والتمجيد والترويج والتمهيد دعونا نناقش هذا الموضوع المهم بحيادية وشفافية عالية .
ابتداء نقول ان محاولة تقييم وتقويم اية علاقة بين طرفين ينبغي ان تضع توصيفا لكل طرف مرورا بالبيئة المحيطة مع عدم نسيان العلاقات التاريخية الممهدة لشكل العلاقة الحالية
البعث حزب عريق عمره يقارب ثلاثة ارباع القرن افكاره التي تبني علاقاته مع الآخر محددة في دستوره وأدبياته  تشير بوضوح انه حزب وطني وقومي وأشتراكي وهو مع الايمان بالله الا انه ليس حزبا دينيا كونه علماني ويؤمن بأقامة دولة علمانية لجميع مواطنيها بكل مكوناتهم قل عددهم او كثر ولا فرق لديه بين اقلية واكثرية والدليل القاطع ان القائد المؤسس للحزب ونخبة من القيادة القومية والقطرية هم مسيحيون ..ولعله لا يوجد حزب في العالم انسجمت نظريته مع التطبيق تماما أو أنسجم فكره مع الممارسة تماما فجائت الحملة الايمانية غير وطنية لأنها كانت اسلامية وهي لو كانت وطنية لدرست الاديان كلها طالما ان العراق فيه مسيحي واحد او مندائي واحد وهذا ما يشبه تماما رفع اعلام ياحسين على عربات الجيش العراقي الذي هو جيش المسيحيين والايزيديين والصابئة والمسلمين وليس جيشا للمسلمين..وعلى كل تلك الأسس الفكرية فأن البعث ان قبل بالتحالف مع داعش وهذا مستحيل فأن داعش لن تقبل به كونها تعده حزب كافر وتعد الفكر القومي فكر جاهلي والدليل هو ان الانحراف الخطير والمأساوي الذي حصل من لدن السيد الدوري في تحيته لداعش لم يلقى اي ترحيب بل استهجان واسع من قواعد الحزب وقياداته
ننتقل الى داعش والتي نوصفها بأنها جناح من اجنحة تنظيم القاعدة وتؤمن بأفكاره التي تتلخص بأعادة (العالم كله) الى نظام الخلافة الراشدة الذي لم يدخل فكر البعث يوما  ، كون فكر البعث يؤمن في دستوره بالتطور وعدم الانغلاق على روح العصر …بينما نلاحظ ان فكر الخلافة يتطابق تماما مع فكر كل الاحزاب الاسلامية في العراق ان كانت سنية او شيعية وبصيع مختلفة فهذا يؤمن بنظام الخلافة وذاك يؤمن بنظام الولاية ، مما يقودنا الى التفكير بأن الخلاف الوحيد أو الرئيسي بينها وبين داعش هو من يتولى الخلافة داعش ام الدعوة ام الحزب الاسلامي ولا علينا بالمظاهر الديمقراطية التي تتظاهر بها الاحزاب الدينية في العراق وغيره غفد ثبت انها فرضت نفسها عليهم بأمر الامريكان وان دخولهم تحت مضلها كان يتناقض مع ما يؤمنون بيه من خلافة او ولاية فقيه…والدليل ما مررنا به بعد الاحتلال من قتل للديمقراطية تحت مسميات الدبمقراطية المعروفة كالبرلمان وغيره من المؤسسات التي لم تتمكن من اقتلاع شعرة واحدة من دكتاتورية المالكي وجرائم الحرب التي ارتكبها بحق الشعب العراقي ..
ننتقل الى التأريخ ونحاول الاختصار بعد الاطالة لنقول بأن كل محاولات الولايات المتحدة في العثور على اي رأس خيط يثبت علاقة ما بين دولة البعث وداعش بائت بالفشل الذريع ، فضلا عن ان ماحصل لقياديين في البعث في الموصل على يد داعش معروف ..يضاف الا ذلك ان امير القاعدة الاسبق الذي تم قتله في صحراء الانبار كان ايام النظام السابق ملازم اول شرطة تمت احالته على التقاعد كونه (متشدد دينيا )
اما البيئة المحيطة التي قد تدفع البعض من البعثيين الى ان يؤيد داعش نسبيا فهي متأتية من انه لا يوجد حزب بحجم حزب البعث تم اجتثاثه وذبحه على مذبح الفردية والصنمية قبل عقود من الزمن وتم اكمال ذبحه على مذبح الطائفية والماضوية والحقد بعد الاحتلال مستغلين تمسك قياداته الضعيفة بآليات الماضي وتقولبها بقالب معارضة بعقلية حكومة تقرع الطبول دون ان تتمكن من تحقيق شيء ذو بال ولم تعي ان ثقافة الاعتذار هي ارقى ثقافة وان حتى التاجر البسيط الذي لا يراجع حساباته يوميا فهو خاسر..
هذا الظلم والقتل والترويع والتهميش الذي وصل في بعض الاحيان الى حرمانهم من حق المواطنة بقيام محافظي بغداد والنجف بأصدار أمر يقضي بطرد البعثيين خارج المحافظات على اثر قيام المالكي بحملته غير الاخلاقية ضدهم قبل خروج الاحتلال (عسكريا) بأشهر…نقول انه ظلم غير مسبوق لاحقهم حتى في طعام اولادهم ودواء شيوخهم وفي معنى كرامتهم وبقى الامل الوحيد امامهم بعد ان تيقنوا ان النظام لن ينصفهم وأن في ذلك ارادة اقليمية ودينية ولكي تستمر الحياة فلا بأس ان من يسقط هذا النظام هو داعش بكل سلبيلتها فكان هذا البعض كمن يستجير بالرمضاء من النار

أحدث المقالات