بعد قضائه عدة اشهر في المعتقل ثم خروجه منه لعدم ثبوت ادانته بأية جريمة او فعل ارهابي ، توافد معارفه على زيارته ظنا منهم انهم سيجدون امامهم مدير المدرسة المعروف بسمعته الطيبة وشخصيته الرزينة لكنهم وجدوا جسدا نحيلا انهكه التعذيب وروح هائمة لاتريد ان تصدق ماآل اليه مصيرها …..لقد فقد الرجل اصابع يديه ولم يعد قادرا حتى على تناول الطعام بنفسه …كان المشهد رهيبا لكنه واقع الحال كما يبدو ولابد من الرضوخ له سواء من الرجل المعاق حاليا او من اسرته التي انقلبت حياتها رأسا على عقب او من الاخرين الذين خرجوا من عنده وعشرات الاسئلة تطاردهم عن سبب معاملة المعتقل بهذا الشكل بعد القبض عليه ضمن اعتقالات عشوائية لاتميز بين مدير مدرسة نزيه وارهابي وثبوت براءته من اية تهمة يمكن الصاقها به رغم محاولة ارغامه على الاعتراف بابشع وسائل التعذيب لكنه بريء فكيف يعترف البريء بجرم لم يرتكبه وهكذا استعاد حريته لكنه فقد اصابع يديه واضيف الى قائمة المعاقين في بلد يتزايد فيه المعاقون يوميا بسبب الانفجارات والتعذيب في السجون …
قبل اسابيع ، قرأت خبرا عن احتجاج عائلة معتقل على قطع يديه خلال التعذيب في فعل يتنافى تماما مع ماينادي به الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1948 والذي يؤكد على صون الكرامة الانسانية واحترامها لجميع بني الانسان بما في ذلك المسجونين منهم ، ولكن يبدو من حوادث التعذيب التي تتكرر لدينا ان لاأحد هنا يفقه شيئا في حقوق الانسان….صحيح ان التعذيب في السجون لم ينقرض في اغلب الدول العربية التي حكمتها انظمة دكتاتورية وان النظام الدكتاتوري الذي حكمنا من قبل اشتهر بها لكننا نعيش حاليا في (زمن
الديمقراطية ) حيث توجد الحقوق الدستورية وحقوق الانسان لدرجة اننا حظينا بوزارة تنادي بها لكن الانسان في بلدي مازال بمعزل تام عن بنود كل الاتفاقيات التي تحفظ حياته وكرامته فهي محض كلمات على الورق وشعارات يتشدق بها المسؤولون في الاحتفاليات ..
قبل اشهر ، كشفت عضو لجنة حقوق الانسان البرلمانية شيرين رضا وبعد جولة ميدانية في السجون ان هناك انتهاكا كاملا لحقوق الانسان من حيث نقص الماء الصالح للشرب والمواد الغذائية وازدحام القاعات فضلا عن بقاء بعض المسجونين لسنوات في التوقيف دون صدور احكام بحقهم وممارسة ابشع انواع التعذيب لانتزاع اعترافات منهم مايعكس تلكؤ عمل المسؤولين في حسم قضايا اغلب السجناء ، مشيرة الى وجود عائلة بكاملها في السجن في حالة مزرية ومشاهدتها لسجين قطع لسانه ويصعب عليه تناول طعامه ..
وقالت النائبة انها قدمت تقريرا مفصلا الى وزارتي العدل والداخلية للنظر في مأساة السجناء والتوقف عن انتهاك حقوقهم وتعذيبهم فهل توقف الامر فعلا بل يتواصل انتزاع الاعترافات بشتى طرق التعذيب ويتكدس السجناء دون اصدار احكام تكشف برائتهم غالبا وعندها يخرج السجين معاقا او مصابا بمرض الجرب الجلدي لكثرة السجناء وغياب الشروط الصحية وقد يطلق سراحهم احيانا مقابل المال وفق عمليات ابتزاز يقوم بها بعض القائمين على السجون .
باختصار ..يحصل بعض المسجونين على حريتهم اخيرا لكنها تكون مشروخة فاما يلحقوا بركب المعاقين او يتم عزلهم عن اسرهم لحين معالجتهم من الجرب او يدفع ذويهم كل مايملكون ليطلقوا سراحهم .. يقال ان السجن اصلاح وتهذيب للسجين ، اما سجوننا فتعلم السجين الاجرام او الحقد ، او تلجمه بالخوف الابدي من فقدان عضو من اعضائه اوالموت تحت التعذيب ..