23 ديسمبر، 2024 4:36 ص

بين الاستخدام الخاطئ للديمقراطية وكراهيتها

بين الاستخدام الخاطئ للديمقراطية وكراهيتها

الديمقراطية بتعريف مختصر لها هي( نظام قائم على التمثيل)، أي شكلاً للحكم يقوم على أساس تمثيل مجموعة صغيرة للمجموعة الأكبر، و هو يفضي الى نسقآ برلمانياً او نظام دستوري تعددي، والشكل الذي تقوم عليه الدولة، والحكومة فيما بعد على أساس هذا التمثيل. لكن ما شهدته الساحة العراقية السياسية، خصوصا بعد أجراء الانتخابات البرلمانية، ظاهرتين تعد الأبرز ؛الاولى تعد هذه الانتخابات الأقل مشاركة من جهة، والثانية؛ هي اكثر عملية انتخابية تحظى بمراقبة وبمباركة أممية واسعة النطاق!

الا انها رغم ذلك جائت بنتائج لم ترضي الجميع، بل اثارت سخط بعض القوى السياسية، التي اضطرها الى الاحتجاج على تلك النتائج أمام بوابات المنطقة الخضراء، ويعد ضرب وتشكيك في العملية الانتخابية وهو ضرب للديمقراطية بالحقيقة وخلق أسلوب وطريقة لنظام جديد كاره للديمقراطية ومعارض لها، وهذا ما يسمى انقلاب الديمقراطية على نفسها، يقول جاك رانسير في كتابه (كراهية الديمقراطية) ان الخطاب المزدوج حول الديمقراطية ليس جديداً بالتأكيد، فقد تعودنا على سماع ان الديمقراطية هي أسوأ أشكال الحكم باستثناء كل ماعداها، لكن العاطفة الجديدة المناهضة للديمقراطية تقدم لهذه الصيغة طبعه اكثر اثارة للقلق، وبعبارة أخرى تقول لنا ان الحكم الديمقراطي سيء في حالة واحدة فقط، وهي حين يستسلم الأفراد للإفساد والفساد.

مما لا شك فيه ان الرفض الذي تواجه نتائج العملية الانتخابية الحالية، هو بدوره سيؤدي الى عرقلة تشكيل حكومة، وهو بدوره سيعرقل مصالح المواطنين، وتأخير في سير العمل الحكومي بالمجمل، ولا يقف الأمر على هذا الحد، بل قد يؤدي الرفض والتنازع والتجاذب للقوى السياسية الرافضة لنتائج الانتخابات، على زعزعة الإيمان بمجمل النظام الديمقراطي القائم، أي العودة بالعراق الى العصور المظلمة لايسامح الله.

ان الاعتراض على نتائج الانتخابات، هي حالة صحية قد تقّوم الحالة الديمقراطية، لا تقوضها، لكن مالم تتخطى الخطوط الحمراء ومنها حرمة الدم العراقي، ولكن إلغاء العملية الانتخابية ورفضها بالمجمل، او المضي بها رغم رفض طيف واسع من القوى السياسية، هو كذلك امر لأيمكن ان يمر مرور الكرام، لابد من عقلاء القوم ان يقولوا كلمتهم الفصل.

ان الخروج من عقلية الفائز والخاسر، قلما يتعامل بها ساسة العراق، وهذا بلا شك يحتاج الى تضحيات، ووعي عالي وايمان مطلق بلغة الحوار السلمي، وحس بالمسؤولية، والحق يقال ان مبادرات التي طرحها السيد الحكيم تعد فرصة ذهبية على جميع القوى السياسية التمسك بها بل والعمل بموجبها، لانها تمثل مخرج الطوارئ الوحيد لما تعانيه العملية السياسية، وإعادة المرونة المطلوبة للعملية السياسية التي تعاني التشنج الشديد منذ اعلان نتائج الانتخابات ولغاية اللحظة، وهذا بدوره يعيد الديمقراطية الى مسارها الصحيح، ويبعد عنها المكروهية على اقل تقدير.