8 سبتمبر، 2024 3:00 ص
Search
Close this search box.

بين الإقدام والإحجام

بين الإقدام والإحجام

-1-
من أخطر الأمراض وأبشعها فتكاً بالبلاد والعباد ، لجوء معظم السياسيين المحترفين الى المجاملات الكاذبة ، واظهار المشاعر الخادعة كلما ضمتهم مع كبار المسؤولين في الدولة اللقاءات والاجتماعات ..!!

انهم يحاولون ان يخطبوا ودّ كبار المسؤولين لحملهم على الاعتقاد أنهم معهم قلباً وقالبا …

وهم لا يصنعون ذلك الاّ لأغراض معلومة …!!

فهم يطمعون بألوان من الفوائد والامتيازات والمكاسب التي يمكن أنْ يمّن بها عليهم الفوائد والامتيازات والمكاسب التي يمكن أنْ يمّن بها عليهم اولئك المسؤولون الكبار …

-2-

انّ الإحجام عن بيان الحقائق ومكاشفة المسؤولين بها، خوفاً على المصالح الذاتية …، هو من أبرز الأدلة على الخواء الاخلاقي والوطني ..

وما لم يتم تغليب مصالح البلاد على المصالح الخاصة، فلن يكون هناك الاّ المزيد من الأزمات والمشكلات …

-3-

انّ (مجلس النواب) في دورته المنصرمة (2010-2014) تحوّل الى مؤسسة تفتقد الى الفاعلية، ولم يعد قادراً على استجواب أحد من المسؤولين، بعد أنْ شلّه (المسؤول التنفيذي المباشر) عن الحركة ..!!

ولو لم يغلّب الكثير من أعضائه مصالحهم الخاصة على مصلحة البلاد لما تمّ له ما يريد ..!!

-4-

لقد زعم بعض سياسيّ الصدفة المعاصرين أنهم ” الصفوة ” من رجال العراق الوطنيين المخلصين، ولا يُقاس بهم في هذا المضمار أحد من السياسيين العراقيين الذين سبقوهم …

وهذا زعم لا أساس له من الصحة .

تعالوا نقرأ ما كتبه الراحل (توفيق السويدي) في مذكراته التي جاء فيها ص 520 ما يلي :

” أجيز لنفسي أن أذيع سراً بقي طويلاً طيّ الكتمان .

فبعد أنْ توّلى الملك فيصل الثاني سلطاته الدستورية بفترة ، كنتُ كالكثيرين من سواي أسمع ، من هنا وهناك ما يدل على اعتقاد الشعب انّ الامير عبد الاله مازال ، رغم انتهاء وصايته ، يتصرف وكأنّه هو

” الملك” أو الوصي وحسب سياسته التي كان الشعب مستاءً منها أشد الاستياء .

فاستطعتُ … ان أقنع السيد محمد الصدر والسيد جميل المدفعي بان نقابل الامير .

بصورة سرّية نقنعه بالابتعاد عن العراق كسفير في بريطانية أو أمريكية، ليفسح المجال للملك كي يتولى سلطاته الدستورية، غير متأثر بسياسة خاله وتوجيهاته، فيكتسب مزيداً من محبة الشعب وثقته .

وعندما قابلناه وبدأتُ الحديث ، ظهر الاستياء والامتعاض على وجه عبد الاله ،

وأعرب عن رفضه للفكرة بشيء من الضيق .

لكنني سمعت فيما بعد من أحمد مختار بابان الذي كان رئيسا للديوان الملكي ، انّ عبد الاله قبل مغادرته مطار بغداد في احدى رحلاته الأخيرة

، نادى رئيس ديوانه أحمد مختار وهمس في أذنه بأنه قد لا يعود الى العراق ،

لكنه عاد واستمر في سياسته حتى كان ما كان ، ولا حول ولا قوة الاّ بالله “

-5-

لقد أوشكت ” المصارحة ” مع ” عبد الاله ” ان تؤتي ثمارها ، بدليل هَمْسِهِ باذن رئيس ديوانه بأنه قد لا يعود الى العراق .

ولو كان قد استجاب لما سمعه لتغيّر مسار الأحداث …،

فلا ينبغي ان يترك السياسيون المخلصون مصارحاتهم للسلطويين بما يرونه من سبل العلاج والاصلاح للبلاد ، حتى اذا أغضبهم ذلك، ويكفيهم شرفاً وشموخاً أنهم آثروا مصالح العباد والبلاد على مصالحم ومكاسبهم …

نعم :

انهم قد يخسرون بعض المنافع …،

ولكنهم يربحون رضا الله ،

وراحة الضمير ،

وثناء الشعب ،

وشكر الأمة ،

وتقدير التاريخ .

*[email protected]

أحدث المقالات