17 نوفمبر، 2024 6:53 م
Search
Close this search box.

بين الإسكندرون وكركوك

بين الإسكندرون وكركوك

منذ تعليمنا الإبتدائي ، كنا نقرأ في الجغرافيا عن القضية العرب المركزية فلسطين ، وعن لواء سوري مغتصَب من قبل تركيا إسمه الإسكندرون ، ورغم كونها عقلية طفولة ، إلا إنها لم تنجُ هي الأخرى من دوامة إزدواجية ضياع العدالة ووحشية هذا العالم من جهة ، وسر صمت حكوماتنا من جهة أخرى ، وشببنا مندفعين دون وعيٍ سياسي رصين من قبل مبادئ ثورية ساذجة ، عرفنا بعد فوات الأوان ، إن كل تلك القضايا ليست سوى للمتاجرة السياسية ، لأنظمة لا يهمها سوى البقاء على الكراسي لأطول فترة .

كانت تلك المناطق بعيدة عنا جغرافيا لكنها كانت قريبة وجدانيا ، ودارت الأيام وإذا بمسلسل الإغتصاب هذا يصل لعُقر دارنا وسط ركام التراخي المعهود والمزمن ، أتحدّث هنا عن قضية كركوك ، فأين كانت حكوماتنا وهي ترقب بطرف خفي حالات التطهير العرقي والتغيير الطوبوغرافي المستمر منذ عام 1991 والذي فاق أضعاف مضاعفة الأسلوب الصدامي ولغاية هذه الساعة ، من تهجير للعرب بدفعهم لبيع منازلهم بأسعار بخسة ، وقيام حكومة إقليم كردستان بإرسال النساء الحوامل إلى كركوك لوضع أطفالهن هناك ، كي يُسجّل مسقط رؤوسهم في كركوك ، وقد أفتضح أمر هذا الأسلوب الشيطاني عندما توفين الكثير منهن على الطريق ، وقد صار هؤلاء الأطفال الآن شبابا غُسِلت أدمغتهم .

أين الحكومة المركزية من كركوك وهي خالية من علم عراقي واحد وسط ركام هائل من أعلام الأقليم مع صور لا تُحصى لمام جلال ومسعود ، ولافتات دعائية لا تُعد عليها عبارة (به لى) أي (نعم) للتصويت على الإنفصال ؟ ، أين المتباكون على عروبة كركوك ، وهي لا تضم محطة (أف أم) واحدة باللغة العربية وسط عدد كبير من الإذاعات الناطقة بالكردية ؟ ، أين الداعون إلى (حيادية) كركوك وليس فيها مَعْلم عراقي واحد اللهم إلا تمثال هائل في مركزها يرمز (للبيش مرگة) بإرتفاع أكثر من 20م لرجل بالزي الكردي حاملا بندقية (نص أخمص) !؟ ، أين المتشدقون بالخط الأحمر لكركوك ، وهي ترتبط ببغداد بخط مواصلات قاتل متهالك هو أقرب ما يكون بالمصيدة منه لطريق من طوزخورماتو حتى مشارف بغداد ؟ ، هذا الطريق بالذات أفسره على أنه رمز للإنفصال وقد أوجده كسلنا وإهمالنا بل فسادنا وقُصر نظرنا السياسي إلى درجة العمى التام .

لماذا لا تُعتمد سجلات إحصاء عام 1957 فيما يخص كركوك والتي تُفصح عن الكثير ؟ ، ونحن نتحدّث عن وحدة الأراضي وقدسية التراب ، نتحدث عن إنفصال تام وولادة دولة جديدة وبنفس الوقت نراقب كركوك وهي تنسل من حضن الوطن الأم الذي آواها منذ آلاف السنين بسبب إدّعاء ثلة من الأدعياء الشوفينيين ، وقد تسلطوا على رقاب شعبنا الكردي الطيب ، يكفي هؤلاء الأدعياء فخرا أن المؤيد الوحيد لمسعاهم دون الكرة الأرضية هي إسرائيل ، لكن إن لم تستحِ فافعل ما شئت ، فلو علم هؤلاء أن كركوك بعيدة المنال ، ما فكروا أصلا بالإنفصال ، لأنها الدجاجة التي تبيض ذهبا ، لكني تأملت كركوك مليا وقد شككت في عراقيتها بسبب التغيير المتهافت والظويل لمعالمها حتى ضاعت ، لكني أقول وفي القلب غصة ، أن يأتي يوم تختفي فيه كلمة (العراق) من لوحات تسجيل سيارات ربوع شمالنا الحبيب .

أحدث المقالات