بين الأمس واليوم: ملامح المرأة بين الأصالة والتصنّع

بين الأمس واليوم: ملامح المرأة بين الأصالة والتصنّع

نعيش اليوم في زمن تغيّرت فيه العادات والتقاليد، واختلفت الظروف الأسرية المحيطة بمجتمعاتنا. تلك المجتمعات التي كانت، حتى وقت قريب، محكومةً بتقاليد عائلية خاصة، أو ما يمكن أن نطلق عليه بدقة “العادات المحافظة”.
‏يكفي أن تنظر إلى الفارق الكبير بين المرأة التي كانت تعيش في الريف قبل أربعة أو خمسة عقود، وحفيداتها اللواتي يعشن اليوم في ذات المناطق. كذلك الحال مع نساء المدينة؛ ففي السابق كانت المرأة ملتزمة، محتشمة، محتمية بدينها وتقاليدها، أما اليوم، فقد تغيّرت الملامح، وضاعت البوصلة بين فكر مشتّت وتيارات الحداثة المتسارعة.
‏باتت المرأة – سواء في المدينة أو الريف – تعيش في عالم التبرّج والمكياج والجراحات التجميلية. عالمٌ تحاول فيه الكثيرات تغيير ملامحهن الطبيعية التي خلقها الله، إلى ملامح “يصنعها” طبيب التجميل. تغيّر كل شيء، وصار من المقبول – بل من المعتاد – أن تطغى الأعذار على المنطق، وأن يُبرَّر السعي وراء وجه اصطناعي جميل ملطخ بالألوان، دون أن يبقى للطبيعة أي دور يُذكر.
‏تحوّل مفهوم الجمال من جمال الروح ورقي التعامل، إلى زينة مفرطة ومظاهر مصطنعة لم تكن موجودة في عهد الجدّات اللواتي عشن الحياة بنوايا صادقة وحافظن على أسرهن من الضياع والتشرد، وكانت كلمة “مطلقة” صعبة في تلك المجتمعات…
‏ في يومنا الحاضر حتى التفاصيل اليومية، تغيّرت الأدوار؛ فالأكلات التي كانت تُعدّ في بيوت الأمهات، غابت عن كثير من الموائد. صارت النساء لا يُجدن الطبخ كما في السابق، وانشغلن لساعات طويلة أمام المرآة، او الموبايل في محاولة للوصول إلى صورة او عبارات شكلية يتخيّلن أنها أجمل من شكلهن الطبيعي.
‏يا نساء هذا العصر، دعونا نتحدث بعيدًا عن لغة المجتمعات الذكورية، حتى لا يُؤخذ هذا الكلام وكأنه هجوم رجعي على المرأة. بل لنتحدث بلغة العقل:
‏ما الفرق بين امرأة خلقها الله جميلة بطبيعتها، جميلة بروحها، جميلة بتعاملها، وبين أخرى تُعاد صناعتها في صالونات التجميل؟
‏ما الفرق بين من تحتفظ بجمالها الإنساني الحقيقي، وبين من تبحث عن جمال زائف لا يدوم، يتغيّر مع مرور الوقت، ويترك آثارًا مرهقة على الملامح والروح؟
‏الجمال الحقيقي لا يُقاس بالمساحيق، بل بالروح والصدق والبساطة. الإنسان الحقيقي هو من يعيش على طبيعته، لا من يبني مجده على أوهام الشكل الخارجي، ويتكئ على أعذار غير مقبولة اجتماعيًا أو نفسيًا.
‏نعم، نحن نعيش في زمنٍ يتسم بفارقٍ شاسع بين المرأة في الماضي والمرأة في الحاضر. وهنا لا نتحدث عن مفهوم الثقافة والشهادات العلمية، بل عن المكياج الزائف الذي يزيله الزمن مع مرور الوقت. وشتان ما بين امرأةٍ وامرأة..