قرأنا في بعض كتب الأدب :
ان البوصيري – صاحب البُردة – هجا الشيخ زين الدين محمد بن الرعّاد فقال :
لقد عاب شعري في البرية شاعِرٌ
ومن عاب أشعاري فلا بُدَّ أنْ يُهجى
فشعري بَحْرٌ لايرى فيه ضفدعٌ
ولا يقطع الرعّادُ يوماً له لُجّـــــــــــا
ويبدو من خلال البيتين ان الرعّاد كان قد عاب شعر البوصيري ، ومن هنا هاج وماج ، ولم يهدأْ حتى هجاه …
ويبدو ان بعض السياسيين المعاصرين نهجوا نهج البوصبري ، فاذا ما تعرّض لهم مُتَعَرِض ، سارعوا الى هجائه ، وإبراز المستور من قضاياه وأنبائِهِ ..!!
والسؤال الآن :
هل يعتبر هذا المسلك صحيحاً ؟
والجواب :
لا
لان النقد ان كان صحيحاً ، فلابُدَّ من القبول والتسليم به ، والاذعان له ، لا العناد والمكابرة والرفض .
وان لم يكن كذلك ، فبالامكان الردّ ، من دون انتقاص أو هجاء ، وانما بالحوار الهادئ الموضوعي ، وبالاستناد الى الأدلة والبراهين المقنعة ودون ضجيج وعجيج .
ان الرأي المُتَبنى من قبل احدهم ، ليس رأيا معصوماً من الخطأ ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه …
ولهذا يمكن إبراز ما فيه من الثغرات ، وما يَردُ عليه من ملاحظات ومؤاخذات، وجديرٌ بكلّ عشاق الحقيقة ان يبحثوا عنها للوصول اليها
ومن هنا قيل :
{ قُل الحقَّ ولو كان على نفسك }
ان الانطلاق من ردود الفعل العاطفية ، والمغموسة بالنرجسية العالية ، منهجٌ خاطئ ، ومحكوم عليه بالرفض ، وفقا لموازين العلم والعقل والدين والأخلاق .
ان رمي الناس بالحجارة ، وَلِأَتْفَهِ الاسباب، ليس من شأن ذوي العقل والكياسة ، وانما هو من سمات الطيش والنزق والغرور والعنجهية …
-2-
ومن المحزن للغاية ان تظهر على المسرح السياسي، ظاهرة اخطر من سابِقَتها، وهي التصدي للنيل مِنْ المنافسين، وان لم يصدر منهم أيٌّ قول أو فعل سلبي إزاء الآخر ..!!
ان مجرد المنافسة يصبح باعثاً لألوان من الكيد ، وبث السموم ….. ووضع العقبات في الطريق ..!!
من حقك ان تعمل باتجاه تسويق نفسك أو (صاحبك) اجتماعياً وسياسياً ….
ولكن ليس من حقك الاساءة الى الآخرين … والتطاول عليهم .
قد تُفتعل المقارنات السمجة فيقال مثلا :
(فلان) هو أطهر من ماء المُزن ، وهو الحائز على شهادة (نوبل) في الهندسة السياسية ..!!
والأعلى قامةً في (البورصة) الاقتصادية …!!
وتتسارع النعوت والصفات على هذا المنوال العجيب الغريب ..!!
بينما يوصف (مُنافِسُهُ) السياسي ولا نقول (خصمه) بأنه :
كذوب لعوب ، لايُركن اليه ، ولا يُحسن شيئاً من ثقافة عصره ، وصاحبُ ارتباطاتٍ مُريبة ، ومسالك رهيبة … الى آخر ما في القاموس من مفردات نابية ، وأوصاف قاسية .
وهكذا تتحول (المسألة الانتخابية) الى معركة باطلة عاطلة ..!!
[email protected]