9 أبريل، 2024 10:04 ص
Search
Close this search box.

بيعة الغدير لعلي.. أقروها بانها أمر رباني ثم جحدوها ونكثوها

Facebook
Twitter
LinkedIn

قالوا انها كلمة ليست أكثر قلناها في وقتها عندما أراد منا أن نقولها رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الغدير عندما جمع أكثر من (130) ألف حاج ليأخذ “منهم” البيعة لأبن عمه الامام علي بن أبي طالب عليه السلام بعد أن نزلت عليه الآية الكريمة “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ” سوره المائدة: ٦٧؛ نقولها ثم نجحدها وننقضها رغم أن تنصيب علي أمر رباني، لكن ما لنا وعلي والأمة.

يروي أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي عن “تفسير بن كثير” و”تفسير الجلالين” و”تفسير القرطبي” و”تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي” في اسباب نزول الآية، ويقول: “أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصَّفَّار، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المَخْلدِي، قال: أخبرنا محمد بن حَمْدُون بن خالد، قال: حدَّثنا محمد بن إبراهيم الحلْوانِي، قال: حدَّثنا الحسن بن حماد سِجَّادة، قال: أخبرنا علي بن عابس، عن الأعمش، وأبي الحَجَّاب عن عطية، عن أبي سعيد الخُدْرِي، قال: نزلت هذه الآية: { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} يوم “غَدِير خُمّ” في علي بن أبي طالب، رضي الله عنه”.

أنها كلمة قالوها وبيعة أطلقوها أمام حشود المسلمين الذين كانوا ما أكثرهم في ذلك اليوم عند بركة “غديرخم” بعدما سمعوا قول النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الأخيار الذي “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4) “- سورة النجم.. ألم يعلموا أن الكلمة كبرت؛ وما البيعة إلا كلمة؛ وما دين المرء سوى كلمة؛ وما شرف الرجل سوى كلمة؛ وما شرف الله سوى كلمة ؟؛ حتى ينقضوها ما أن يرونه وهو صلوات الله عليه وعلى آله وسلم يحتضر الموت للقاء ربه ويشكلون “سقيفة بني ساعدة” لينكروا على خير البشر وخاتم رسل السماء وصيته التي أوصاهم بها مراراً بأمر من الله سبحانه وتعالى وأراد أن ينصها على ورقة لتكون سنداً ووثيقة دامغة لما أخذه منهم يوم الغدير الأغر في حجة الوداع، فكان الرد من ذلك الرجل “دعوه إنه ليهجر”.

“بالكلمة تنكشف الأمة؛ الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة.. الكلمة زلزلة الظالم؛ الكلمة حصن الحرية؛ إن الكلمة مسؤولية؛ إن الرجل هو الكلمة؛ شرف الرجل هو الكلمة..” – من كلام الامام الحسين بن علي عليه السلام لحاكم المدينة الوليد بن عتبة عندما أراد الأخير منه البيعة للطاغية الزاني وشارب الخمر قاتل النفس الزكية “يزيد” الذي كانت سطوته ووالده ومن تبعه من بني أمية الطلقاء على الأمة وما فعلوه من دمار وتنكيل وقبح وإراقة للدماء، سوى نتيجة “رزية يوم الخميس”.. فقد ذكر محمد بن علي المازندراني في كتاب أسباب نزول القرآن في تفسير قوله تعالى “كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت “- البقرة: 180، فقال في مسند أحمد بن حنبل عن جابر الانصاري ان النبي صلوات الله وسلامه عليه قد دعى عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلون بعده قال : فخالف عمر حتى رفضها – أحمد بن حنبل في مسنده: 3 / 346.. ورووا عن سعيد بن جبير وعن عكرمة وعن سفيان بن عيينة وعن عمرو بن دينار وعن الحكم بن أبان ثم روى أحمد بن حنبل عن سعيد بن جبير وعكرمة وعن ابن عباس الحديث وذكر فيه أن عمر بن الخطاب قال للنبي انه يهجر – المصدر نفسه.

أبن عباس نقل الحادثة بكل جوانبها بقوله: “لَمَّا حُضِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفي البَيْتِ رِجَالٌ فيهم عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، قالَ النبي: هَلُمَّ أكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، قالَ عُمَرُ: إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَلَبَهُ الوَجَعُ وعِنْدَكُمُ القُرْآنُ فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، واخْتَلَفَ أهْلُ البَيْتِ واخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَن يقولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، ومِنْهُمْ مَن يقولُ ما قالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أكْثَرُوا اللَّغَطَ والِاخْتِلَافَ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: قُومُوا عَنِّي. قالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، فَكانَ ابنُ عَبَّاسٍ يقولُ: إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ ما حَالَ بيْنَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيْنَ أنْ يَكْتُبَ لهمْ ذلكَ الكِتَابَ مِنَ اخْتِلَافِهِمْ ولَغَطِهِمْ” – رواه صحيح البخاري 4 : 85 و5/127، وصحيح مسلم 3 : 1258و1257-1259 كتاب الوصية، وتاريخ الطبري 3 : 193، والكامل في التاريخ 2 : 320، وتاريخ ابن الوردي 1 : 129، والنهاية في غريب الأثر ج5 ص212، ولسان العرب ج5 ص254؛ و قال أبو عيسى الترمذي – : “هذا حديث حسن صحيح “- سنن الترمذي ج5 ص 37، ومساند اخرى كثيرة لا يسع لهذا المقال أن يأتي بذكرها جميعاً؛ حيث يرى ابن أبي الحديد أنّ الحديث المذكور: “اتفق المحدِّثون كافة على روايته”.

بغية وضع النقاط على الحروف لابد من تحليل نص خطبة الرسول (صلى الله عليه وآله) التي ألقاها على المسلمين في (غدير خم) وهي: “من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأنصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار”( أخرجه الامام أحمد بن حنبل في مسنده ج 1 ص 119):

1- لقد جعل الرسول صلوات الله وسلامه عليه للامام علي عليه السلام المقام الذي جعله الله سبحانه وتعالى له- رواه عشرات المؤرخين والمحدثين منهم 2ـ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتابه الولاية، والحافظ أبو عبد الله المحاملي في أماليه، والحافظ أبو بكر الشيرازي في ” ما أنزل من القرآن في علي عليه السلام “، والحافظ أبو سعيد السجستاني في كتابه الولاية، والحافظ ابن مردويه في تفسيره الآية الكريمة، والحافظ ابن أبي حاتم في تفسير الغدير، والحافظ أبو القاسم الحسكاني في شواهد التنزيل، وأبو الفتح النطنزي في الخصائص العلوية، معين الدين الميبدي في شرح الديوان، والإمام الثعلبي في تفسير كشف البيان، الإمام الفخر الرازي في التفسير الكبير، وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين، والقندوزي في ينابيع المودة / الباب 39.. وآخرين.

2- إن النبي محمد الصادق الأمين أراد بـ”المولى” الامام وليس غير ذلك كما يدعيه البعض – ورواه السيوطي في الدر المنثور عن ابن مردويه، وابن عساكر وابن ابي حاتم عن أبي سعيد الخدري وعن عبد الله ابن مسعود وهو أحد كتاب الوحي، ورواه القاضي الشوكاني في تفسير فتح القدير كذلك .. وغيرهم كثر.

لابد من التأكيد أن “واقعة الغدير” تنطوي بعنوانها كميثاق للأمة المحمدية ودستورها القرآني الأصيل، على خصوصيتيين مهمتين:

* الأولى: ظرفيتها، حيث تزامنت مع آخر لحظات الرسالة الخاتمة وتجلت من خلالها أرقى حقيقة وجودية ألاّ وهي ” الولاية “؛ وكان لسان الحال فيها يؤكد أن “لا دين بلا ولاية “؛ لأنّ الدين المفرَّغ من الولاية ماهيته مغايرة للحق والقانون الإلهي، ويسير بالأمة نحو الإنحراف والنفاق والمكر والتكفير والخديعة التي أبتلي به المسلمون على طول تاريخهم حتى عصرنا الراهن .

* الثانية: مصداقها، وهو “ولي الله” المتصدي للدفاع عن حريم هذه الحقيقة الدينية والمتجلي في شخص من فدى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بنفسه، وبات على فراشه، وقاد جيشه في المعارك والحروب، وقتل صناديد العرب الكفرة والفسقة الفجرة، رافعاً لواء الإسلام المحمدي الأصيل وصبر على أذى كبار القوم وجهلائهم ومنافقيهم حتى أريق دمه الطاهر (ع) على يد الفرقة التكفيرية الضالة الشقية وهو قائم يصلي في المحراب.

فأضحى حال الأمة يرزى ويرثى له منذ تلك اللحظة المشؤومة التي تجاهلوا فيها قوله تعالى :”وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” – سورة الحشر الآية 7، فخرجت الخوارج وقامت قائمتهم في الخروج على الحق والحقيقة وعلى القرآن الناطق قائد الغر المحجلين ذلك الذي قال بخصوصه خاتم المرسلين المصطفى الأمين محمد: “النظر إلى عليّ بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل الله إيمان عبد من عباده كلّهم إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه” جاء في :مائة منقبة لإبن شاذان المنقبة المائة، الديلمي في إرشاد القلوب ج2 ص186، وراجع بحار الأنوار ج38 ص196 ح4، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 144، المناقب للخوارزمي الحنفي ص32 ح2؛ وذلك حباً وطمعاً بالسلطة والقوة والثروة وعودة للجهل والعصبية القبلية حتى وإن خالفت ما أمرهم به الله سبحانه وتعالى ثم يتبجحون بالاسلام والايمان ويكفرون الآخر ويزندقونه ويستبيحون دمه وعرضه وماله وأرضه ومقدساته ويتشدقون بانهم “أهل السنة والجماعة” فيما الآخرون “طغمة طاغية”، متجاهلين كل الجهل من أنهم هم الجهلاء والفاسقون والقاسطون والمارقون والمنافقون خوارج زمانهم لا يفقهون ما يقولون جهلة يعيشون ظلمة الجهل والتخلف.

فكان يومهم ما قالته روح رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الأخيار، التي بين جنبيه أم أبيها فاطمة الزهراء عليها السلام لحشد من نساء الأنصار الذين وفدوا عليها بعد رحيل والدها رحمة للعالمين، ليعزوها ويلتمسوها السماح لمن آذاها فإذا بها عليها السلام تخاطبهم بخطبة جلية جاء في جانبها: “وما الّذي نقموا(كرهوا) من أبي الحسن نقموا والله منه نكير(شديد) سيفه وشدة وطأته ونكال(من التنكيل) وقعته وتنمره في ذات الله(أي غضبه لله) وبالله لو تكافئوا(استووا) على زمام نبذه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لسار بهم سيراً سجحاً(سهلا) لا يكلم خشاشه (لا يجرح جانبه) ولا يتعتع(من غير أن يصيبه أذى) راكبه ولأوردهم منهلا رويا فضفاضاً(يفيض منه الماء) تطفح ضفتاه ولا صدرهم بطانا(شبعانين) قد تحرى بهم الري غير متحل منهم بطائل بعمله الباهر وردعه سورة الساغب(حدة الجائع) ولفتحت عليهم بركات من السماء وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون. الأهلمن(تعالين) فاسمعن وما عشتن أراكن الدهر عجباً، إلى أي لجأ لجأوا واسندوا وبأي عروة تمسكوا؟( عروة الكوز أو الدلو) ولبئس المولى(الصاحب والجار) ولبئس العشير، استبدلوا والله الذنابي بالقوادم(استبدلوا الذي هو ادنى بالذي هو خير) والعجز بالكاهل فرغماً لمعاطس قوم (أي ذلا لانفسهم) {يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ألا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} ويحهم {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى}(لا يهدي الانسان غيره الاّ إذا كان مهدياً) فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)؟ أما لعمر الهكن (أي أما وحق بقائه) لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ثم احتلبوا(لقحت حبلت) طلاع القعب (أي ملؤه) دماً عبيطا ً(طريا) وذعافاً ممقراً (سم زعاف مر معجل الى الموت) هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون غب (أي عاقبة) ما أسس الأولون ثم أطيبوا (طيبوا) عن أنفسكم نفساً واطمئنوا للفتنة جأشا ً(نفساً) وابشروا بسيف صارم وبقرح شامل (فساد الأمور أوهرج شامل) واستبداد من الظالمين يدع فيكم زهيداً وجمعكم حصيداً فيا حسرة لكم وأنّى بكم وقد عميت عليكم انلزمكموها وانتم لها كارهون”- بلاغات النساء لابن طيفور ص32 طبعة بيروت .

وا أسفاه.. تباً لقوم هكذا يقولون عن رسولهم ونبيهم الذي أنقذهم من الذل والضلالة والشرك والجهالة والظلمات والاستعباد والاستحمار نحو النور والايمان؛ فأرسوا بقولهم هذا وفعلتهم هذه أسس وصرح الظلم والطغيان والتكفير والتقتيل بين صفوف المسلمين منذ لحظة انعقاد “السقيفة” وحتى يومنا هذا، وأعادوا الأمة نحو الجاهلية والقبلية والعصبية حيث أنهار الدماء تسيل تلك التي جعل الله سبحانه وتعالى حرمتها أكثر من حرمة البيت العتيق؛ واستباحة المحرمات أضحت محللّة بفتاوى وعاظ سلاطين بلاط الظلم والزور والتزوير والتزييف بتكفير المسلمين بعضهم لبعض وانتهاك مقدساتهم وأعراضهم والعبث في أرض الله الفساد وحرق الأخضر واليابسة وتدمير البنى التحتية لبلاد المسلمين ومنها العراق وسوريا واليمن والبحرين وغيرها.

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب