18 ديسمبر، 2024 7:54 م

ليس لدي أدنى شك أن السعوديين المؤيدين لإنشاء دور للعرض السينمائي بالمملكة أكثر من المعارضين، ولكن جيوب الصحوة لا تزال تحطم حلم المجتمع والدولة على حد سواء.

بينما يستعد القادة العرب للقاء القمة في الأردن في أواخر شهر مارس الحالي، تسعى الأفعى الإيرانية لنشر بيضها في عدة مناطق من الوطن العربي بكل صلف ووقاحة.

إيران هي الراعي الأكبر للإرهاب، وتعمل على توظيف المذهب الشيعي توظيفا سياسيا في المنطقة. تقوم سياسة طهران الخارجية على بث الكراهية، وتنطلق من ركائز مذهبية عفا عليها التاريخ.

من أهم مبادئ السياسة الخارجية الإيرانية تأجيج نيران الملف الطائفي وتصدير الخراب. الهدف هو محاولة إعادة رسم الخارطة الإقليمية مبنية على أيديولوجية النظام الإيراني المقيت. من الأمثلة القريبة، كشف البحرين مؤخرا عن تنظيم إرهابيي ضم 12 متهما في إيران والعراق.

الكهنوت الأصولي الحاكم في طهران يحاول العبث بأمن المنطقة عبر خلايا الإرهاب التي تسعى للتمدد في أحضان الخليج العربي وباب المندب والبحر الأحمر.. الدور الإيراني المشبوه واضح للعيان، وميليشيات أفعى طهران تتسلل بمكر ودهاء إلى البحرين وتنشر سمومها في دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء.

علينا الاعتراف أن سياسة حسن النوايا مع إيران لم تكن مفيدة، فآثار التدخلات الإيرانية ممتدة ومؤامرات طهران تنفذها أذرع مدفوعة الأجر لتحقيق نفوذها في المنطقة. طهران مستمرة في سياسة اللعب في الوقت الضائع كما دشنتها ميليشيات الخميني الإرهابية منذ أكثر من 30 عاما.

الأفعى الثانية في المنطقة هي بقايا عصابات جهيمان العتيبي. عملية تسلله إلى الحرم المكي كانت نتيجتها كارثية بكل ما تحمله الكلمة من شؤم. أفقنا على عواصف متتالية من التنطع والتشدد والتحريم. ضيق المتشددون على الناس حتى أصبحت الإجازات هي الفرصة الوحيدة التي كنا نسافر فيها للخارج للترفيه البريء.

وحتى بعد استئصال جهيمان وعصابته، حرص أعوانهم على نشر رسائله كاللصوص في حلكة الليل. مازال المجتمع يعاني من نقمة المتشددين الذين لا شاغل يشغلهم غير الموت وعذاب القبر والظلام. مازالت الأفاعي تسعى لتحويل المنطقة إلى مستنقعات تحرم كل مناشط الحياة وتسعى لخنق المجتمع بحبال التشدد من باب سد الذرائع والشهوات والشبهات.

برغم أن الترفيه جزء هام من منظومة الحياة، إلا أن المجتمع السعودي عانى لسنوات من صراخ المحتسبين. ليس لدي أدنى شك أن السعوديين المؤيدين لإنشاء دور للعرض السينمائي بالمملكة أكثر من المعارضين، ولكن جيوب الصحوة لا تزال تحطم حلم المجتمع والدولة على حد سواء. المجتمع يحلم بالعيش مثل بقية شعوب العالم، والدولة تطمح إلى تقديم وسائل الترفيه والبهجة.

يمر المجتمع السعودي اليوم بمرحلة “انفكاك” من مرحلة أخرى حالكة السواد، حطم المتشددون أدوات الغناء وضيقوا على العباد ومنعوا العروض المسرحية، وحتى أغاني الأطفال. استغلوا المنابر لاتهام المثقفين بالتغريب وضعف الإيمان، وطعنوا في نوايا الفنانين، واقتحموا معارض الكتاب.

علينا اتخاذ موقف صارم لقطع دابر الفتنة. علينا تحديد قراءة مشتركة بين الدول العربية حول تهديدات إيران، وعلينا الحذر من تمدد الفكر المتشدد في المنطقة. لعل قمة عمان تكبح الطموح الإيراني، وتضع القيود على التمدد الحركي الراديكالي. لا توجد دولة بمعزل عن الأخرى. كلنا في نفس القارب.
نقلا عن العرب