4 مارس، 2024 4:47 م
Search
Close this search box.

بيش بلشت يا بو بشت

Facebook
Twitter
LinkedIn

لأكثر من أربعة اشهر وانا مضرب عن الكتابة بشكل عام وعن أوضاع العراق على الخصوص، لكثرة الإشكالات والتشابكات والملابسات العصية على الفهم لما يجري ونشاهد ونسمع وعلى جميع الأصعدة، الأمر الذي بات من المحير ان تتناول أية ظاهرة مهما كانت أهميتها وانعكاساتها ونواياها الواضحة والغامضة، وهذا ما يدعو الى الحيرة والانتظار والترقب لما تؤول اليه مناطحات (السياسيين) وجعجعاتهم الفارغة ومواقفهم التي تتحرك بفنتازيا غريبة هنا وهناك، دون أن تتمكن بإمساك خيط الرحمة لتتوضح الأمور وتنجلي الغمامة، لنتفاجأ بقرارات جديدة ومواقف غريبة تتناقض تماما مع سابقاتها، فتضيع علينا التفاصيل لقلتها، ويعود تناول مثل هكذا حالات ضربا من المغامرة والضحك على الذات أولا والذقون ثانيا. وهذا ما يميز الواقع الإعلامي الراهن الذي يسير رفقة الموجة، إن كانت عنيفة أو اقل عنفا.
ان السبب الذي دعاني لتسمية هذه المقالة بالعنوان أعلاه، هو ما يمر به (المسكين) الكاظمي من تعقيدات في إدارة دفة التنفيذ للحكم وكثرة المصائب وصعوبة الإمساك بها أو بتلابيبها.
وأصل المثل العراقي يعني الندم والتأسف، فعندما يضع شخص ما نفسه في ورطة أو موقف محرج يصعب الخروج منه بسهولة بعد قيامه بإنجاز عمل معين لشخص آخر دون أن تروق نتائجه للأخير، بسبب دقة العمل أو العيب فيه، فنقول على ذلك المتورط:
(بيش بلشت يا بو بشت)، أي بماذا ورطّت نفسك يا هذا لتدخلها في طريق مسدود)
والسؤال العريض الذي ينطبق على ورطة السيد الكاظمي، والمطب الذي وقع فيه، أو أوقع نفسه طواعية، هو حين عاد مثل ذلك (أبو “البشت” الذي يرتدي رداء من الصوف يشبه العباءة التي يلبسها الرجال فوق ثيابهم… ولا يعلمون متى يتحرروا منها)
ليجد نفسه في حيرة من أمره، فلا هو بالقادر على إبقاء البشت على جسده ولا بالقادر على نزعه.
من هنا نقف مع الكاظمي الذي عدنا مقتنعين بأنه بات عاجزا عن تنفيذ ما وعد به من دفع العملية السياسية الى الأمام وتنقيتها من كافة الشوائب العالقة بها، لأنه لم يكن يعرف، وهذا هو تصورنا بأحابيل وشيطنة وخبث الكتل السياسية التي يتعامل معها ووثق من دعمها له في حدوث الانتقالة الضرورية بالعملية السياسية لبر الأمان وتحقيق مطالب الجماهير المنتفضة في فتح الملفات الكثيرة، من كشف القتلة والخاطفين والمليشيات (الوقحة) وسحب السلاح المنفلت، وكشف الفاسدين من اعلى القمة لآخر المنحدر، وإعلان عدم انحياز العراق لأية قوة اجنبية، وتنقية الجيش وقوى الأمن بكل عناوينها من التبعية لأحزاب الفساد والمحاصصة ورتب الدمج الخطيرة والفاسدة والطارئة لتحقيق العدالة الاجتماعية، والسعي لتبيان الخيط الأبيض من الأسود. وقبل كل شيء التحضير لإجراء الانتخابات المبكرة والنزيهة وبإشراف اممي، لكنس الفاسدين والمتلاعبين وفاقدي الانتماء للوطن والشعب وقطف الرؤوس الكبيرة التي سببت كل هذا الخراب والفجائع المتلاحقة.
فكانت الخيبة الكبيرة والصدمة المزلزلة، حين اكتشف السيد الكاظمي أنه أمام عقبات لا يمكن تجاوزها أو تذليلها، بوجود حيتان فساد ومليشيات قتل وأحزاب تتاجر بمستقبل العراق وكذابين ومرائبن وحرابي لا تتردد ان تبدل جلودها ما ان تشعر بان ريح التغيير قادمة وأنها من الوداعة والوطنية ما يجعل الكاظمي بتمييع مشروعه وبالمقابل تزايد احتقان الثوار وذوي الضحايا وكافة مسحوقي العراق، مما دفع بالسيد الكاظمي ان يكون بين سندان الفاسدين ومطرقة الشعب المنتفض، فنغني له “يا بو بشت بيش بلشت”.
ان الوضع في العراق اليوم بلغ من الخطورة والتعقيد والتوجه نحو الخراب الحقيقي، مما يدعو الى اتخاذ وقفة جادة وفاعلة وصارمة لضرب شياطين الخضراء ومن يدور في فلكهم والمتعلق بأذيالهم، بالاعتماد على القوى الضاربة لاجتثاث الرثاثات والتنسيق معها، بل والاعتماد على المجتمع الدولي الذي لا يطيق قوى الخراب وعملاء الملالي في ايران وبأسرع ما يمكن وما ينبغي فعله، لأن ترمومتر الفواجع يسير باتجاه تتمة الخراب ولا وقت للمراوغة أو اللعب في الوقت الضائع، سيما أن السيد الكاظمي يمتلك ثلاثة ركائز اساسية هي فصائل الجيش الوفي الانتماء للوطن، وملايين المتفضين الذين وضعوا انفسهم تحت إمرة إرادة التغيير الصارمة، والأهم من هذا وذاك وقوف المجتمع الدولي برمته الى جانب التغيير، سيما التعاون العسكري والأمني والاقتصادي مع حكومة السيد الكاظمي.
هنا لم يعد للكاظمي أي مبرر في القيام بالضربة الحاسمة والقاصمة سيما أن قوى الظلام وخونة العراق ما زالوا يصولون ويجولون ويتلاعبون ويهددون بأمن الوطن والمواطنين، وغير ذلك فالتيار العارم قادم لا محالة ليجرف كل شيء ويحرق الأخضر واليابس، وفي المقدمة حكومة الكاظمي ومستقبل أجيال العراق، وهنا ستلاحق اللعنة الأبدية كل المتخاذلين وعديمي الحمية والانتماء للوطن، ولعل الدروس السابقة خير دليل على ذلك.
إن ذكرى انتفاضة تشرين على الأبواب وابطال العراق ومناصريهم يستعدون لإحياء هذه الذكرى المباركة وفاء لدم الشهداء والجرحى والمعوقين والمختطفين، وهم اليوم بحالة من العنف وتصفية الحسابات اشد واقوى من السابق، فلا تستهينوا بالطوفان القادم أيها السياسيون والفاسدون، رغم أني اشك في سلامة عقولكم التي نخرتها الخيانات.
المجد والخلود لشهداء انتفاضة تشرين الميامين وكل شهداء الحرية والكرامة من الشباب العراقي البطل والشفاء العاجل لكافة الجرحى والمصابين والحرية لكافة المختطفين
المجد لثورة تشرين الباسلة

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب