استوقفتني دقة التفاصيل وروعة التصميم،
مما بدا لي أن صاحب هذا البيت اجتهد كثيرًا،
ليخرج هذه التحفة المعمارية بهذا الجمال،
ولكن لفت انتباهي الظلام الذي حل على هذا البيت،
وبدا يشعرني بالكآبة، مما جعلني أسأل صاحبي
الذي كنت بضيافته عمّا بدا عليه البيت،
وكان قد هجره أهله.
ياصاحبي هذا البيت الراقي لم يتمكن صاحبه
من أن يستمتع بالسكن فيه،
فقد مات قبل أن يسكنه بشهر .
استغرق في بناء البيت ثلاث سنوات، ولكنه
لم يتمكن من دخوله وكأن القدر يجازيه،
فقد سلب حق أخواته في إرثهم من أبيهم،
ومضوا سنوات يطالبونه وأنكر حقهم واستنكرهم،
يا صاحبي جارك هذا غره طول الأمل فاستقوى وبطش،
سلب فظلم، ونسى يومه المحتوم وأجله
الذي لا مفر منه، غادر سكن القصور لبيت الوحدة والغربة.
أين الذي من غيره يعتبر ويراجع حساباته
ويتدبر في قصص السابقين؟
وهذه فرصة فليغتنمها من أراد الفوز والنجاة في هذه الأيام المباركة.
﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [الروم: 9].
فكم مدائنٍ في الآفاق قـــد بنيت *** أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليها
لا تركِنَنَّ إلى الدنيــا وما فيــهـا *** فالمـوت لا شـك يُفـنـيـنا ويُفنيــها
إن لم تعتبر من غيرك كنتَ عبرة للآخرين