22 ديسمبر، 2024 8:53 م

تقول كتب العلوم لاطفالنا الصغار في ايضاحها لمفهوم ( البيت ) انه يحمينا من المطر والبرد والحر والرياح ، لكن تحول العديد من المنازل الى احواض سباحة وقت المطر والى أفران ساخنة وقت الحر وانقطاع الكهرباء وتحول كيان البيت ذاته احيانا الى هياكل من الصفيح اوخيمة متهرئة يخترقها البرد وتلهو الرياح بين جنباتها ، كان لابد ان يخلق ازمة ثقة بين الاطفال وكتب العلوم ، ومثلما فقد الاطفال الثقة في عودة الحياة الطبيعية الى مدارسهم واماكن لهوهم فليس غريبا أن يفقدوا الثقة فيما تقوله لهم الكتب لأن الواقع العراقي تجاوز المألوف وخرج عن حدود الاوضاع الطبيعية التي تقدمها المناهج الدراسية للطلبة الصغار ، بل ليس غريبا أصلا أن يتعرف الاطفال على مفهوم ” الأزمة” لأن حياتنا ماعادت سوى سلسلة من الازمات وهي الظروف والاحداث المفاجئة التي تهدد الوضع الراهن والتي تتطلب حتما وجود قدرة حكومية على ادارة تلك الازمات والتغلب على الآليات البيروقراطية الثقيلة التي قد تعجز عن مواجهة الاحداث والمتغيرات المتلاحقة والمفاجئة ..أين نحن من كل ذلك ؟..لقد اعتدنا ان نستقبل الأزمة فقط ونعيشها دون أن نفكر في الاستعداد لها او مواجهتها قبل حدوثها ..فقبل أعوام ، تحولت بغداد الى ( فينيسيا ) عراقية ، والقي اللوم وقتها على امين بغداد السابق عبعوب و( صخرته ) العجيبة التي اغلقت شبكة المجاري ففاضت الشوارع وانهارت المنازل وغرقت المركبات وتعرض العديد من المواطنين لخطر الصعقات الكهربائية ..وبعدها باعوام ، يعاد نفس السيناريو بأمطار أشد وخسائر أكبر وحوادث أكثر دون أن تفكر الحكومات التي تعاقبت على كرسي الحكم في معالجة الأزمة قبل حدوثها ..صحيح ان الخزينة أصبحت خاوية منذ سنوات ، والمشاريع الخدمية لاتعدو كونها حبرعلى ورق وكل مايرصد لها من أموال يذهب تلقائيا الى جيوب المنتفعين من المسؤولين وأذنابهم ، وصحيح ان هنالك مايشغل الحكومات اكثر من مجرد اصلاح شبكات المجاري فهي مطالبة بالحفاظ على مواقعها في السلطة حتى لو سحقت مقابل ذلك آلاف الارواح وملايين الأحلام والمطالب ، لكن ذلك لايعني أن يستمر الاهمال والحلول الترقيعية بينما يمكن ان تنذر الأزمة القديمة – الجديدة بخطر أكبر فيما لو تكررت الامطار وتحول خيرها الذي كنا ننتظره وينتظره المزارعون بشغف الى ضرر وأذى وانذار بخطر وشيك ..
ربما لم يعد البيت يحمي العديد من المواطنين العراقيين من الحر والبرد والمطر والرياح وقد ينهار احيانا ولايتمكنون من اعادة بنائه فكيف اذا لم يعد الوطن – بيتنا الكبير – يحمينا من خطر تعاقب حكومات لاتعمل لمصلحتنا ولاتنقذنا من كل مايحاصر حياتنا من اخطار ومساويء ..وكيف سيمكننا اعادة بنائه في ظل غياب الذمم الشريفة والنوايا السليمة والعمل الحقيقي وكل ماينبغي توفره لانقاذنا من الأزمات المتعاقبة ؟..