بيان قُمة بغداد ..

بيان قُمة بغداد ..

على الاطلاق ، جميع الرؤساء والملوك والامراء العرب ووزراؤهم ومستشاروهم ، وغالبية الشعب العربي في مختلف اقطاره مؤمنون بلا جدوى القمم العربية ، وانها مضيعة للوقت والجهود وباب غير شرعي للصرف والتبذير .. وان الاولى بصرفيات الساعات التي يقضيها هؤلاء الرؤساء والملوك او من يمثلهم هم فقراء العرب وما اكثرهم..

جدوى قُمة بغداد .. ومن يحضرها ومن سيغيب عنها لا يحتاج الى جهد جهيد .. فهي مجرد ساعات لالقاء الكلمات وتبادل اللقاءات وتناول الاطعمة والحلويات للمرافقين ، حيث ان الرؤساء والملوك لا يتناولون في هذه المناسبات شيئاً خوفاً من تسميمها ، وبعد ذلك تلتقط الصور الجماعية ويذهب كل واحد الى طائرته قافلاً الى بلده .. على امل اللقاء في العام القادم في قطر التي ستستضيف القمة القادمة ٢٠٢٦ ، حسب الحروف الابجدية !!.

اللغط الكبير حول القمة لا تجده الا في العراق .. الغالبية من العراقيين تتفق انه كان الاولى بحكومة العراق ان تعتذر عن استضافة القمة وتوفر فليساتها لما هو اهم واجدى ، سيما ان البلد بلا موازنة ، وأسعار النفط تتهاوى ، والعجز كبير حين تعتمد البلد على مورد واحد هو النفط .. وعلى الرغم من ان مسؤولاً جاهلا ًطلع علينا بتصريح غريب في الاعلام يدعي فيه ان المبالغ التي صرفت هي من ميزانية امانة بغداد ، للتطوير والمشاريع ، وكأن هذه الاموال جاءت من الهواء او حصلنا عليها هبة من جزر فيجي وليست من دم العراقيين وعظمهم الحي .

ساعات القُمة القادمة ستمر واؤكد انها لن تكون سوى نسخة مكررة من القمم السابقة وان بيانها الختامي باهت ، ولمن لا يعلم فأن الدولة المضيفة لاية قمة عادية ترسل نص البيان الختامي الى الدول الاخرى لبيان ان كان لديها اضافات او ملاحظات عليه ، وفي الغالب فان البيان يجامل جميع الدول ويدغدغ مشاعر مسؤوليها .. وهكذا فان بيان قُمة  بغداد سيبدأ  :

بدعوة كريمة من حكومة جمهورية العراق انعقدت الدورة الرابعة والثلاثين من مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة .. ابحث التحديات التي تشهدها الساحة العربية .. وسيعرج البيان على الوضع في غزة ويدين ويشجب ويستنكر الاعمال الهمجية التي تمارسها اسرائيل ويدعو الى وقفها فوراً والإدخال الفوري للمساعدات الانسانية والصحية لسكان القطاع ، و.. و.. وفيما يخص الشان اللبناني يؤكد المؤتمر رفضه للعدوان الإسرائيلي على ابنان ويطالب اسرائيل باحترام سيادة لبنان واستقلاله والانسحاب الجنوب  .. في الشأن السوري يؤكد المؤتمر على حق الشعب السوري بتقرير مصيره وعدم التدخل في شؤونه الداخلية واحترام سيادة سوريا ووحدتها وإشراك جميع السوريين في حكم هذا البلد دون ان ينسى البيان التنديد بالقصف والتدخل الاسرائيلي لهذا البلد .. سيمر البيان على اوضاع اليمن ويؤكد على وحدة اليمن وسيادته والحاجة الى عملية شاملة تعيد السلام لهذا البلد ، وسيدعو المؤتمر الى وقف الاعمال الحربية في السودان التي مزقت البلد وهجرت ملايين الناس ( دون او يسمي البيان من المتسبب في هذه المجازر والاوضاع المزرية ) .. سيدعو المؤتمر أيضاً الى صيانة وحده ليبيا وسلامة أراضيها واطلاق عملية سياسية تضمن ذلك .. الشطر الاكبر من البيان ستتصدره قضية فلسطين.. سيؤكد المؤتمر على المبادرة العربية في قمة بيروت ٢٠٠٢ وحق الشعب الفلسطيني بالعودة واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وحدود الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ .. ورفضه الاجراءات الاحادية ويدعو ويستنكر ويرفض ويشجب و…. و…. وسوف يتحفظ العراق على هذا البند لانه يتعارض مع الرؤية الايرانية لحل الصراع .. ولان العراق لا يمكن ان يخرج عن العباءة الايرانية مهما كان الثمن .. وسيضع البيان بعض البهارات والتوابل حول التعاون الاقتصادي العربي وتنفيذ المشاريع المشتركة ولن يمر البيان هذه المرة على الجزر الاماراتية المحتلة من قبل ايران ، وهي كليشة جاهزة في المؤتمرات السابقة مما سيتسبب باعتراض الوفد الاماراتي الذي سيمثله وزير من الدرجة العاشرة لا يهش ولا ينش ..

المستفيد الوحيد من القمة هو امين عام الجامعة العربية احمد ابو الغيط الذي لا يجيد سوى لغة التعبير عن القلق والشجب والاستنكار وصرف الإيفادات والتمتع بامتيازات القمة هو وجيش الجامعة الذي سيصحبه طيلة اسبوع كامل : اكل وشرب وصرفيات ومصرف جيب في فندق جديد في بغداد بني خصيصا ً للقمة .. وخلي ياكلون الولد بجال خالهم !!.

القمم العربية لا تقدم ولا تؤخر ، وعراق السوداني ، والثنائي الكردي عبد اللطيف وفؤاد حسين لا يريدون سوى تصدر المشهد العربي لعام قادم حتى لو كان هذا التصدر رمزياً فارغاً من اي محتوى وهم متيقنون من ذلك ، بل انهم مؤمنون ان من سيحضر هذه القمة وباي مستوى كان فانه مأمور بأن يؤدي دوراً معيناً مرسوماً له ولا يمكن ان يتجاوزه  .. وسينتهي المؤتمر كما بدأ بالابتسامات والصور والهدايا والعناق والقبل .. وباي باي عرب في نسخة مقبلة ، وليذهب الشعب العربي الى الجحيم والاقتتال والمجاعة والتناحر ، وليستمر الجرح العربي نازفاً .. وهذا هو المطلوب !.

أحدث المقالات

أحدث المقالات