سأل أحدهم مواطنا, يدافع عن رأي المرجعية في النجف, محاولاً شرح معنى التغيير, فقاله له: هل أنت مُوَكَّل بالدفاع عن المراجع؟ فكان الجواب: المرجعية لا تحتاج الى من يدافع عنها,بل من الواجب أن يُحْتَرَمَ رأيها.
للعلماء من رجال الدين قدسية, من الواجب إحترامها؛عند كل من يعتبر نفسه متدينا, ولا يحق له مخالفة الأوامر أو
التوجيهات الصادرة منها, كونها تعتبر الجهة العليا, في كافة ما يتعلق بالشارع المقدس.
فالفاتيكان يمثل الديانة المسيحية, والكنيست تمثل اليهودية, أما المسلمين فهناك علماء أجِلاء لكل مذهب.
على الحكام طاعة رجال الدين, كي يحصل المواطن على قدر معقول من العدل, مع تصحيح مسار من يتصدون للمسؤولية, فنصحية العلماء إنما هي لخير الجميع, فائدتها لا تقتصر على الارتباط الروحي, بل تمتد الى العلاقات الانسانية وضوابطها, فالدين عبادات ومعاملات, ومن هذه المعاملات علاقة الساسة فيما بينهم, والحاكم مع المحكوم.
يتفق جميع المسلمون على أن دستور الدين الإسلامي” القرآن الكريم” فيه كل ما ينظم الحياة الانسانية, ضمن قوانين تم ذكرها تارة صراحة, وأخرى كخطوط عامة, تم توضيحها بأحاديث نبوية, أو عن طريق خُطبٍ للأئمة الأطهار عليهم السلام, ومن بعدهم بفتاوى العلماء.
هذا ما اتفق عليه الأغلب الأعم من المسلمين, إلا أن بعضهم وبالأخص من الحكام, لم يرق لهم الأمر! فقاموا بتأويل العديد من الآيات والأحاديث, باعتبارها حمالة أوجه! بواسطة علماء درسوا خصيصاً, من أجل خدمة الحاكم! بعيداً عن المصلحة ألعامة ومخافة الخالق.
مما يتعلق بالمحادثة في أول المقال, فتوى المرجعية الأخيرة, بعد القيام بخطوتين رئيسيتين, هما إختيار رئيس البرلمان, ورئيس الجمهورية مع نوابهما.
أتت الفتوى بعدم التشبث بالمناصب, واختيار من يحصل على مقبولية واسعة.
أسلوب لطيف لمصلحة البلد ومواطنيه, مع محاولة إعادة الثقة بين الساسة من جهة, والمواطن والحكومة الجديدة من جهةٍ أخرى, كي يسير العراق بمهمته في هذه الظروف الحرجة.
لكن بعضاً من عشاق ألسلطة, لم يَرُقْ لهم الأمر, فالعرش معشوق غالٍ عزيز, لا يمكن تركه, فسعى الساعون الى التأويل, بأن المرجعية لم تحدد شخصاً, إنما تعني الجميع, والشعب إختار من رآه صالحا بأغلبية, وعلى المرجعية أن تُفصح عن الإسم صراحة, حتى تطاع! لخلط الأمور على المواطن.
بينما صرح بعض الساسة, أن المرجعية لا تتدخل بالسياسة! ضارِبِينَ عَرضَ ألحائط, ما إتفق عليه ألمسلمين, عن القرآن الكريم بانه دستور متكامل, يشمل كل مناحي الحياة, سياسية, إجتماعية, تأريخية, علمية, وما الى ذلك.
وتناسوا أيضا أن الباري عز وجل لم يفصح عن كل شيء للضرورات العامة, كما في الآية الكريمة” ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم” ” , فالمرجعية متابعة كونها المسؤولة الأولى والأعظم في العراق عن مشروع الانتخابات البرلمانية, مع تجاهل بعض الساسة لذلك الدور! مع علمها بالمفسدين فهي لا تفصح عنهم للمصلحة العامة.
آية أخرى ” ولو تشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفهم في لحن القول” وقد يكونوا قد تناسوا أو تجاهلوا هذه الآية” يا أيها الذين آمنوا لا تَسْألوا عن أشياء إن تَبدو لكم تَسؤكم”.
وبما ان العلماء في مرجعيتنا ألرشيدة, هم الامتداد للإمامة المعصومة, فهي واجبة ألطاعة, حيث أنها ألراعي للمصالح العامة, وليس لها مصلحة خاصة, مع أي سياسيٍ يحكم البلد.
دعائنا أن يفهم جميع الساسة دور المراجع, وعدم فرض الرأي عليهم كونهم هم الحجج علينا, وما نحن إلا مُقَلدون, ومن يأبى الطاعة فليصرح جهاراً, ولا يلبس ثوباً مُزَيَّفاً, سُرعانَ ما يَكشِفُ عن ما يسيء لمن لبسه.
وما نحن مدافعون, بل نحن ملتزمون بعقد التقليد, على فهم ما يريد العلماء, فهم الدرع الحصين, لدرء الفتن.
هنيئاً لمن يُبرء ذمته, ولمن يريد إتِّباع الحق, ألف تحيه