18 ديسمبر، 2024 8:59 م

بيان المفاوضات الأسترتيجية العراقية_الأمريكية

بيان المفاوضات الأسترتيجية العراقية_الأمريكية

قراءة أستراتيجية
التأريخ أداة مهمة لرسم الأسترتيجية، لمن يروم تحقيق مستقبل زاهر، وهنا أتذكر حكمة فحواها(لا أعرف كيف يمكن تسمية بلاد إنها(حرة) يجهل قادتها الواقع والتأريخ)، وهذا حال ساسة العراق..ولذا،ونحن على أعتاب إبرام إتفاق إستراتيجي مع الجانب الأمريكي و”هو مطلب أمريكي خالص”، على المفاوض والسياسي العراقي أن نراجع تأريخ الدول الأستعمارية، وكيف نجحت بتقيد دول كثيرة وأرغمتها على عقد إتفاقيات، هي أقرب ل(عقود الإذعان) من الإتفاقية، بل هي بمصافي الأستعمار غير المباشر، وهنا نحتاج لمراجعة المعاهدات والأتفاقيات العثمانية والبريطانية، وقد تكون البريطانية هي الأقرب للفكري الأمريكي، لكي لا نقع في شراك الطرف الأخر، وخصوصا على المستوى الزمني البعيد.

لقد خط الأمريكان الخطوط العريضة للمفاوضات الأسترتيجية القادمة العراق في البيان المشترك، الذي أصدره فريقي التفاوض والذي يحمل بصمة
أمريكية خالصة، فقد جاء البيان مستندا على رسالتي مجلس الأمن الدولي المرقمتين(س/2014/440)في 25/6/2014 و(س/2014/691)في 20/9/2014 ، فهل
أمريكا تمثل مجلس الأمن.. قطعا” لا! بل هذا الإجراء تحايل على القوانين الدولية، ثم يأتي البيان ليذكر تبني العراق لإصلاحات إقتصادية جوهرية مع الجانب الأمريكي ولكن كيف؟ يجيب البيان(تزويد العراق بمستشارين إقتصاديين للعمل بشكل مباشر مع الحكومة العراقية) تعرفون ماذا يعني هذا؟ هو عودة
العراق لسلطة الحاكم الأمريكي، وهذه الفقرة تحديدا”، تعد شبيهة بإجراء بريطانيا بما تم تثبيته في معاهدة عام 1922 من خلال ملحق المعاهدة لتنظيم عمل المستشارين لعام 1924، والذي كان ينص بما معناه (وجود مستشار بريطاني مع كل وزير عراقي يقدم له المشورة، وفي حال إنها لا تلبي طموح الحكومة العراقية، لا يجوز للوزير العراقي رفضها ، بل يتم رفعها للمندوب السامي البريطاني، وهو الذي يبت بالقرار) وذلك شبيه لما يريده الأمريكان في بند المستشاريين.

ويشير البيان التفاوضي لنقطة محورية أخرى تخص الإستثمار والإعمار في العراق، عندما ذكر البيان..(وناقشت الحكومتان مشاريع الأستثمارالمحتملة التي تنخرط فيها الشركات الأمريكية في قطاع الطاقة والمجالات الأخرى_ولكن بشرط هو_ أن تكون الظروف مؤاتية)، السؤال الذي يطرح نفسه، العالم ألان يمر بفترة كساد إقتصادي، أي إن الشركات العالمية العملاقة تتلاقف العمل في المشاريع الأستراتيجية، ولهذا بإمكان العراق أن يتفاوض مع تلك الشركات العالمية في مجالي الأستثمار والأعمار، ويتحصل على أحسن العروض- من حيث
الكلفة والجودة وسرعة العمل_ فما الذي يرغمنا أن نرهن إرادتنا بسلطة الأمريكان المتبطرة، لا سيما قطاع الطاقة الذي يشكل عصب تطوير كل المجالات الأخرى، والأمريكان لا يريدون العمل إلا عندما تكون الظروف مؤاتية،( وداعش حاطينا بالعلاكة ويفترون بي بالعراق) يعني إعمار العراق بالطريقة الأمريكية( أكعد بالشمس لحد ما يجيك الفي).

كما وتطرق البيان لموضوعة الإنتخابات، وإن أمريكا وبالتعاون مع شركائها الدوليين؟؟؟تعمل من أجل تنظيم إنتخابات حرة وعادلة ونزيهة، أدري هي إنتخابات أمريكية لو عراقية؟ والأدهى تحدد أمريكا معيار الإنتخابات!
والكل يعلم كيف إن الأمريكان أتهموا الروس بالتدخل بالإنتخابات الأمريكية السابقة، وبمجرد الإتهام فرضت بسببه عقوبات على الجانب الروسي، أي إزدواجية هذه؟، ولم يقف البيان عند ذلك بل تطرق لمناقشة وضع تقليص عدد القوات الأمريكية، ولم ينص البيان على كلمة مغادرة القوات بل (تقليص)، وهنا جاءت العبارة متناقضة مع قرار البرلمان العراقي، الذي طالب الحكومة العراقية بإخراج جميع القوات الأجنبية، وهذه إشارة واضحة لنية أمريكا
للبقاء في العراق ورفضها المغادرة، والأتعس من هذا مطالبة الحكومة العراقية بتحمل مسؤوليتها بحماية القوات الأمريكية، وهذا ما يرتب أعباءقانونية على العراق ومالية، والبلد بوضعه الحالي بغنى عن هذه الإلتزمات، ثم إن المراد من التعاون الأمني بين البلدين هو(تمريك القرار الأمني العراقي) وإحتكار تسليحه من قبل الشركات الأمريكية، وحيث تبين ومن خلال تجربة العقود التي أرمت مع أمريكا عام 2011 وما قبلها، كان غرضها إبقاء العراق سليب الإرادة، عندما تنصلت أمريكا من الوفاء بعقود التسليح، عند سيطرت داعش على خمسة محافظات عراقية.
خلاصة القول إن أمريكا تريد من الأتفاقية الأستراتيجية المزمع عقدها مع العراق:_
أن تجعل من إقتصاد وأمن العراق بابا لتحقيق المصالح الأمريكية، من خلال سيطرة أمريكا على السوق العراقية وأحتكارها،على مستوى الثروات والموارد الطبيعية، بل وحتى الموارد البشرية والسيطرة على الكفاءات العراقية وفي كافة الأختصاصات، وجعل العراق بلد إستهلاكيا” ليكون أرضا” خصبة لدخول البضائع الأمريكية والأسرائيلية وبعض من الدول الأوربية، أما على مستوى الأمن فيكون مرتهن بالإرادة الصهيو أمريكية، من خلال التحكم بالوزارات الأمنية عبر قيادات تابعة للأمريكان، لتضمن بذلك عدم تهديد العراق للأمن الأستراتيجي الإسرائيلي، وبالتالي السيطرة على أمن العراق وإقتصاده، يعني تحوله لتابع سياسي للسياسة الأمريكية، ومن ثم تحقق المراد الأكبر للأمريكان، قبول العراق ب(صفقة القرن) المشؤومة وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.