22 نوفمبر، 2024 7:33 ص
Search
Close this search box.

( بوصلة القيامة ) دمعة حزن على خد وطن

( بوصلة القيامة ) دمعة حزن على خد وطن

عندما نجد بعض الروائيين الغارقين في موجة الاغتراب في محاولة للولوج إلى عالم قد يحقق لهم نوعاً من المغايرة حسب اعتقاد هؤلاء . نجد في المقابل قسماً من الروائيين العراقيين يبدعون في تصوير الواقع بعد سنوات تكميم الأفواه كي يطلع المتلقي لاسيما العربي على ما كان يدور بالعراق في زمن غسيل العقول وشراء الذمم . ولعل رواية ( بوصلة القيامة ) للمبدع هيثم الشويلي الفائزة بجائرة الشارقة للإبداع الروائي العربي 2014 تعد نموذجاً وشاهداً تاريخياً للأحداث الجسام التي مر الوطن بها في وقت ما .
الشويلي كتب روايته بطريقة بكائية تبدأ من طلقات المرأة الحامل إلى ظلمة السجن والاعتقال .ربما لم يخرج الكاتب عن الموروث البكائي الذي ورثه العراقيون عن غبار الزمن .وقد يكون وراء هذا الانزياح إلى الإفراط في السوداوية هي كوامن عاشها المؤلف نفسه ، وهو يشاهد أوضاع الاضطهاد والمعاناة وأغمس في هذا المحور لدرجة المبالغة ” أي أفق يلج بالمآسي بالويلات وخراب الذات ، الصبح آت والفجر يشيع جثامين النجوم إلى مقبرة الضياء والنهار” ص32 حيث انه جعل من علامات التفاؤل( الصبح ، النجوم ، الضياء ، النهار ) غارقة في عالم الحزن والبسها ثوب المآسي .
( احمد ) بطل رواية هيثم الشويلي لم يكن سوى صورة مركبة لمجموعة صور عاشها العراق في فترة زمنية كانت الكلمة تقود الإنسان إلى حبل المشنقة ،وربما قد يكون الشويلي اختبأ خلف بطله محاولا أرضاء خوالج نفسية حبيسة الصدور .
رغم الإطار العام الذي يوشح الرواية بثوب الحزن نجد بعض من روح الأمل تتجسد في شخصيات تحاول أن تزرع الحياة في نفوس فقدت طعم لذة العيش . والقابلة ( سهيلة ) والحاجة ( بدرية ) هما من يمثلان بصيص الأمل هذا من خلال علاقتهما الإنسانية ” إلا أني كنت أقرب للحاجة بدرية لأنها كانت ملاكاً من السماء ،كانت بنظري تملك في قلبها من الطيبة والحنان ما لا يملكه أي إنسان أو حتى الملاك نفسه ” ص35 .
نجد لتأثرات المكان الذي ينتمي إليه الشويلي واضحة في أحداث الرواية ،فكانت الناصرية حاضرة وهورها وحكايات المعارضة التي أرسمت على ارضها ومائها وهوائها ” كانت رائحة المدن هذه تختلف عن رائحة العاصمة ،ثمة رائحة للطين تفوح منه المسك وللقصب المنغمس بالماء رائحة العنبر ” . ص106 . وهناك تغزل الكاتب بمدينة الناصرية حيث جذوره الأولى .
التسجيل الوصفي لم يكن سوى نموذج مدهش في رسم صور الزنازين ، بشاعة رجال الأمن ، الغربة ، الضياع وفقدان الأمل ، وغيرها من الصور التي تعج بها ذاكرة الإنسان العراقي . ويمكن أن نطلق على أسلوب هيثم الشويلي في روايته ( بوصة القيامة ) بالواقعية السوداوية نتيجة الكم الهائل من المفردات التي تحاكي المأساة حيث ( البكاء ،الدموع ، الموت ، المرض ، السجن ، المرارة ) …الخ من المفردات الموشحة بالسواد .

أحدث المقالات