17 نوفمبر، 2024 2:37 م
Search
Close this search box.

بوري إنتخابات مجلس نواب 2018

بوري إنتخابات مجلس نواب 2018

نصت المادة 38 من قانون إنتخابات مجلس النواب العراقي رقم 45 لسنة 2013 الذي كان معمولا ً به في إنتخابات مجلس نواب 2014: “تجري عملية الفرز و عد الأصوات و إنجاز الإستمارات الخاصة بها فور إنتهاء عملية الإقتراع في كل محطة من محطات الإقتراع و يزود ممثلي الكيانات السياسية بنسخة ورقية منها بعد مصادقتها من مدير المحطة الإنتخابية، و تعلق الإستمارة في مكان مخصص للإعلام في كل محطة إنتخابية و تقوم المفوضية بفتح مراكز فرز و عد فرعية لغرض إعادة العد و الفرز لجميع المحطات و مراكز الإقتراع و يزود ممثلي الكيانات السياسية بنسخ ورقية من نتائج العد و الفرز” و بناء ً على هذا النص القانوني فكل كيان سياسي يستطيع ضمان الأصوات الإنتخابية التي حصل عليها بشرط أن يؤمن ممثلين عنه في كل محطة إقتراع و مركز فرز و عد فرعي أما الكيانات السياسية التي لا تستطيع تأمين ممثلين عنها فليس لها عذر بالإدعاء بتزوير الإنتخابات فالقانون أجاز لها طريقة لضمان الأصوات التي تحصل عليها و لكنها لم تفعل، و طبعا ً هذا لا يمنع التزوير خلف الكواليس بالطرق التقليدية من قبل الكيانات المهيمنة على المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات لصالحها على حساب الكيانات الصغيرة و الناشئة و حسب إعتراف بعض السياسيين المطلعين على هذه الأمور، فالكيانات الصغيرة و الناشئة لا تمتلك الأموال اللازمة لتجنيد ممثلين عنها لمراقبة العد و الفرز و لا الناس مستعدة للتطوع لها للقيام بهذا الدور مجانا ً بينما الكيانات المهيمنة على السلطة تمتلك الأموال الطائلة تمكنها من تجنيد الممثلين عنها لمراقبة العد و الفرز و حتى شراء أصوات الناخبين البسطاء المحتاجين الذين يتوفرون بكثرة و هم يرجحون كفة من يدفع أكثر من الكيانات المشاركة في الإنتخابات. و لكن يبدو بأنه كانت هنالك نية مبيتة لتزوير إنتخابات مجلس نواب 2018 بشكل جذري كما كشفت عن ذلك الأحداث التي وقعت على الأرض و بطريقة جديدة مبتكرة تضمن نجاحها و كان السبيل إلى ذلك هو إلغاء الرقابة البصرية على العد و الفرز اليدوي و جعل العد و الفرز ألكترونيا ً ليكون بعيدا ً عن أعين ممثلي الكيانات السياسية. و لإنجاز ذلك تم إلغاء نص المادة 38 من قانون الإنتخابات أعلاه و تشريع نص جديد بدلا ً عنه بموجب التعديل الأول لقانون إنتخابات مجلس النواب “تجري عملية الفرز و العد باستخدام جهاز تسريع النتائج الألكتروني و يتم تزويد وكلاء الأحزاب السياسية بنسخة ألكترونية من إستمارات النتائج و أوراق الإقتراع في كل محطة من محطات الإقتراع”. و بهذا القانون لم يعد بإمكان وكلاء الأحزاب السياسية حتى رؤية أوراق الإقتراع و ليس فرزها و عدها يدويا ً، أما ما يسمى بالنسخة الألكترونية من إستمارات النتائج و أوراق الإقتراع التي يزود بها وكلاء الأحزاب السياسية فهذه يمكن التحكم بمحتوياتها من قبل مبرمجي أجهزة الفرز و العد عبر الإنترنت و حتى من خارج العراق و بذلك يكون التزوير يسيرا ً و مضمونا ً، و مما ساعد في تسهيل التزوير هو إلغاء فتح مراكز فرز و عد فرعية لغرض إعادة العد و الفرز لجميع المحطات و مراكز الإقتراع الذي كان معمولا ً به في إنتخابات 2014. و لزيادة التحكم بعملية التزوير و ضمان نجاحه و سرعة إنجازه كان من المفيد تقليل حجم البيانات المراد التعامل بها و ذلك بتقليل عدد المشاركين في الإنتخابات الذين يناوئون الأحزاب المهيمنة على السلطة و لذلك تم إطلاق حملة لمقاطعة الإنتخابات بحجج يقتنع بها هؤلاء المناوئون، و بالفعل أتت الحملة أوكلها حيث قاطع الإنتخابات غالبية الشعب العراقي بنسبة حوالي 80% و هي نسبة كبيرة جدا ً، و لو شارك هؤلاء المناوئون باختيار وجوه جديدة لانقلبت الطاولة على المخضرمين الذين يناوئونهم.

تزوير الإنتخابات باستخدام الأجهزة الألكترونية للفرز و العد و بالطرق التقليدية الأخرى خلف الكواليس سرعان ما إنكشف، حتى على لسان أعضاء مفوضية الإنتخابات و أحزاب ظهرت فائزة في الإنتخابات، و أصبح حديث و سخرية الشعب العراقي و العالم أجمع. و هنا إنطلقت بعض التظاهرات ضد التزوير للمطالبة باستخدام العد و الفرز اليدوي. و لتمييع هذه التظاهرات و لتمرير تزوير الإنتخابات تعالت الأصوات و الدعوات للخروج بتظاهرات للمطالبة بتوفير الخدمات و فرص العمل مستغلة لردود الفعل الشعبية الغاضبة و المستهزئة تجاه تزوير الإنتخابات و مضي الأحزاب التي ظهرت فائزة في الإنتخابات بتجاهل إتهامات التزوير لتشكيل الحكومة القادمة و نقص الكهرباء و الماء في الصيف الحار و الشعور بالحيف من قبل الطبقات المسحوقة و خاصة ً في المناطق الجنوبية، و بالفعل خرجت تظاهرات حاشدة غطت على الساحة.

و في ظل هذه التظاهرات الحاشدة تم تمرير تزوير الإنتخابات بمسرحية مكشوفة كما شهدنا أحداثها على شاشة التلفزيون، و عند إقرار نتائج الإنتخابات المزورة تم إحراق بعض مؤسسات الدولة و إتهام المتظاهرين بها مما أنهى التظاهرات و إسدال الستار على تزوير إنتخابات مجلس نواب 2018.

أحدث المقالات