ثورات العرب الرقمية (2).
مرة اخرى ننسب الفضل الأكبر (كما في ثورة مصر الاولى في هذا القرن وانتفاضتها الاخيرة ) الى وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي في جمع كلمة الناس الحانقة والغاضبة لتتحول الى منتفضة في الشوارع بل وثائرة ، وهذه المرة في العراق ..اول المتغيرين واخر الثائرين في المنطقة ..
(بلد الثورات) ..قديما . ظل صابرا ردحا من الزمن والشعوب من حوله تثور على طغاتها وسكوته معروف الاسباب ،فقد خُدر بعملية ديموقراطية (مشوهه) يغير ويحرك خيوطها طرف خفي بل أطراف من خارج البلد ومن سفارات في داخله .
كان الوهم بل الإيهام يقوم على خديعة (ان هناك طائفية وفساد في العراق) ولذا فقد كان جمهور الطائفة الحاكمة (المستغفل) يظن انها الفرصة المنتظرة للحكم والثأر منذ الف سنة فسكت ، وجمهور الطوائف المحكومة يظن ان الامر فساد من بعض المسؤولين وسيستبدلهم (ديموقراطيا) المرة القادمة فسكت !
ولكن وبعد سنين من دوام الحال المزري وترديه وعدم توقف نقل الاموال الى الخارج بل وازدياد ذلك ،وإيغال المستأجَرين لقوى الخارج في إيذاء الشعب والتمادي بسرقته والعبث بمقدراته والاصرار على قيادته بالقوة واستخدام دماء ابناءه في حروب وكالة لاناقة لهم فيها ، وتضبيب المستقبل على شبابه العاطل عن العمل المضرب -قسرا – عن الزواج ، وتهديم دور التنك لشعب النفط دون بديل ..كل ذلك ادى الى التفكير الجمعي مرة اخرى بطريقة مختلفة منطقها ان ( هناك احتلال فعلي اذن من قوة اجنبية ) كانت تتبجح بذلك وتسير عمالها الحاكمين باسمها في الداخل وتضع بصماتها وقراراتها في كل مكان وتحرك جيوشها (من ابناء البلد “الغني” المسحوقين ) ولكن عمى الطائفية تغاضى عن رؤية الاحتلال ، وامل انتهاء الفساد ضللهم عن رؤية نقل الاموال والخيرات الى البلد الاجنبي المحتل..والان كل ذلك انتهى وكشف ، فثار العراقيون (كعهدهم القديم) على المحتل الذي يحاول الان بطرق شتى تدارك الوضع المتأزم الخطير والذي انتجه استهتار ازلامه في الداخل ،فأعطاهم الاذن سريعا او امرهم بترقيع فوري (بعض الاصلاحات ) بل وامرهم بالتخلي عن امتيازاتهم مقابل بقاء امتيازاته ! فسارع البرلمان بالتحرك ، بعد ان كان مكبلا بالاوامر القديمة ومحميا بالقوى الخارجية “وغير مكتمل النصاب على الدوام”! اسرعوا فليس هناك وقت للتسويف هذه المرة ..وفي الوقت ذاته امر الاحتلال المقنع جيوشه في الداخل بالبطش “الخفي” في كل مكان بعيدا عن الاعلام فانهار وهم المذهب والطائفة وكشفت خديعة الولاية فأصبح القتل مباحا ، وتبين سبب اختفاء الاموال.
المعركة طويلة ومميتة ولايظن احد انها هينة ! فليس من السهل ان يتخلى المحتل عن كل غنائمه ومكاسبه التي صنعها في عقدين لشباب اعزل منتفض وبأيام معدودة ! وليس من السهل ان يستسلم ازلامه المنتفعون المتورطون ،،فمصيرهم واحد امام الشعب لذا فان المحتل سيحاول ويحاول ..ولكن يبدو ان الغضب والكبت والحرمان اقوى من الرصاص الى الان ..! فهل هي بوادر انهاء الاحتلال ؟ ام مجرد جولة اخرى من الصراع بين الشعب العراقي وملالي ايران؟!