إشترى شاب بنطالاً، فطلب من والدته أن تقصره( 4 سم) فقالت يابني:أنا مشغولة، وذهب لأخته الكبرى لتقصر بنطاله، فإعتذرت منه لأنها تجهز الغداء، فذهب للخياط فقصره( 4سم)وعاد للمنزل ووضعه بدولابه، وفيما بعد حنَّ قلب الوالدة، فذهبت لغرفة إبنها وأخرجت البنطال، وقصرته( 4سم)وأعادته للدولاب، ثم جاءت الأخت الكبرى بعد أن جهزت الطعام، فأخرجته وقصرته( 4سم)أيضاً، وفي صباح اليوم التالي، نهض الشاب مبتهجاً ببنطاله، يريد أن يخرج به مع زملائه، وإذا به يتفاجأ فأصبح قصيراً بمقدار( 4سم)!
ضعف التنسيق والتخطيط، يؤدي الى فشل كبير في أي مهمة، رغم المجهودات التي بُذلت، فهذا الشاب كان يتأمل الخروج مع زملائه، ببنطال جميل وبحجم يناسبه، لكن معالجات الأم والأخت ذهبت في غير مكانها، والسبب عدم التواصل والحوار، فورد الشاب على يومه حزيناً، ولو كان مَنْ في البيت قد سأله، لما حصل ذلك التقصير، فضاع الخيط والعصفور كما يقال، وإلا لو بقي الأمر مرهوناً بتصرف الشاب، لكان الأمر أجدى وأنفع لكل الأطراف، ولشعر الجميع بالراحة والفرح!
التحالف الوطني كان في عداد المؤسسات النائمة جداً، إن لم نبالغ ونقول أنه ميت سريرياً، فقد بقي عنوانه فقط ومامن جامع للكلمة والموقف، فكل طرف قد شدّض الحق صوبه، والخصوم تتلاعب بأوضاعه وترسمها كيف تشاء، بل والأدهى من ذلك لم يكن هناك صورة متكاملة، لشيء إسمه مؤسسة التحالف الوطني، وكُتِبَ لهذ العنوان صفحة جديدة، عندما تسنم زعامته السيد عمار الحكيم، فمثلت حكمته، وإدارته، ومأسسته للعمل القيادي والتنظيمي للتحالف، نقطة تحول فدبَّت الحياة فيه من جديد.
عندما يتم الحديث عن مؤسسة، تمثل المكون الأكبر في العملية السياسية، فإن المواقف تتباين حول مَنْ سيمكنه أن يكون بديلاً للشاب الحكيم، الذي إستطاع لملمة الوضع الداخلي، للمكون الشيعي في بودقة واحدة، نظر إليها الأعداء قبل الأصدقاء بالتقدير والإعجاب، لأن ما تمخض عن التحالف الوطني، من مواقف وقرارات حاسمة يعد قياسياً، فيما لوإستلم شخص آخر تلك الزعامة، وتحديداً في أوضاع حرجة، كالتي يمر بها عراقنا، إذن الحنكة، والحكمة، والدربة، مثلث حكيمي للقيادة لا مثيل له.
يمكن للشخصيات التي ستكون مرشحة لشغل رئاسة التحالف الوطني، أن تتسنم المنصب ولكن هل سيكون التنسيق بمستوى عالٍ، لا يشوبه خلل أو ضعف، يجعل بنطال التحالف قصيراً جداً، وتتقطع جميع العلاقات بين مكوناته، ونتفاجئ بمعوقات ومشاكل تعرقل مسيرة العمل السياسي، مع علمنا بأنه لا بديل للسيد الحكيم في الزعامة فهي مَنْ تطلبه، ولغة الحوار والإلتقاء في المنتصف، والقرارات الحاسمة في المنعطفات الخطيرة، تتطلب شخصية وطنية تحطم أصنام المستحيل، وتُصّفرُ الأزمات لتنهض سفينة العراق من جديد.