23 ديسمبر، 2024 12:41 ص

مدينة عراقية عريقة وكبيرة وممتدة عبر تاريخ الدنيا، وأهلها ليسوا وافدين، أو طارئين على الحياة. هم أسارى الشر القادم من خلف الحدود، وضحايا الخيانة والنذالة من البعض. سيعود أبناء الموصل ليكتبوا التاريخ من جديد. سيكتبون وينظمون الشعر ويؤسسون للمستقبل. لافرق كبير بين روح من تعجن للخبز هناك، وبين من يؤلف ملحمة في الأدب، أو النقد، أو الشعر، أو العلوم الأخرى فكلهم يشتغلون للحياة. هناك من سيضع كتابا، وهناك من ستضع مولودا جديدا، وهناك من سيعمر البيوت، ويعبد الشوارع، ويغسل عتبات البيوت بمياه دجلة النقية ويزرع شجرة أو يغرس غرسا. الموصل تعود.. بنت آشور تتزين لعرسها القادم ولجمال روحها البهية.
المعارك تشتد حول الموصل، والقوات العراقية تتقدم من محاور عدة، والهزيمة التي سيمنى بها داعش جلية قبل المعركة، وليس أثناءها أو بعدها فالإرهابيون يدرك حجم خسارتهم وأن العراقيين توحدوا في مواجهتهم، وإن الموصل مدينة للحضارة وصناعة الإنسان وإعمار الحياة، وليست مكانا للجنون وللخرافات وللشعوذة والتعاويذ الباطلة وهرطقات بعض المجانين وأدعياء الدين والباحثين عن المكاسب المادية والمفاسد تحت شعار حماية هذا المكون، أو ذاك، أو لفرض قيم دينية معينة، أو نشر الوصاية عليها.
العراقيون لديهم فرصة كبيرة لينتصروا ويعيدوا التوازن لوجودهم المادي والمعنوي، وأن يفكروا في الغد وإمكانية حماية المكتسبات التي تحققت بفعل كم الإنتصارات الهائلة على التنظيمات الإرهابية المجرمة حيث يتجسد الشعور الوطني وترتفع الهمم وتتعالى الأصوات المنادية بالوحدة، وبناء الدولة وإقامة العدل.
مشروع داعش ينهزم ويذوب، فأبناء الحضارة لايمكن أن يرتهنوا له لأنهم ليس مستعدين ليضحوا بكل ذلك التاريخ، وكل تلك الإنجازات وعناوين الحضارة والإبهار من أجل بعض المنحرفين والشاذين الذين إستولى عليهم الشيطان فباعوا شرفهم له وأصبحوا أسرى لخزعبلاته التي لاتنتهي، ولكنها لاتستطيع أن تتمكن منا على الدوام فنحن أقوى وأبقى وأجدر بالحياة.