أشهر تنقضي، ينتظر فيها العراقيون تشكيل الحكومة، الا ان الحكومات تشكلت ولم يجني الشعب منها خيرا، بل كانت الحكومة السابقة، خارجة عن القانون، تماما، في فسادها، وميليشياتها.. وبدلا من ان تحافظ على العراق.. هي التي باعت المحافظات لداعش وللاحتلال..وبدلا من حماية المال العام.. قامت حكومة (الفاشلون) بسرقة اموال الشعب بواسطة مصارف وهمية ومافيات من اصحاب المناصب..
اما الان ، فان الحكومة الحالية (مسكينة ومستكينة) .. وهي – كما يقول المثل الشعبي – تخوط بصف الاستكان. ويبدو ان هذا الحال السيء.. لان هذه الحكومات، لم تكن في اطار دولة..
ان العراق بحاجة الى بناء دولة اولا، اقوى من الحكومة .. تراقبها وتسيرها لخدمة الشعب والبلد..
والدولة اكبر من الحكومة، وهي قطاع عام وخاص، ومؤسسات تمارس أنشطة تهدف إلى تحسين مستوى حياة الشعب، وتشرف الدولة على المؤسسة التنفيذية المسماة بالحكومة.
ان مسؤولية بناء الدولة – كانت ولا زالت – تقع على ما يسمى بالتحالف الوطني أو الشيعي (1)، الا انه – اجمالا – فشل.. ويبدو –اجمالا- انه ليس على قدر المسؤولية والكفاءة وفاقد للمشروع الوطني (2)، بسبب ماهيته (3).. مما يتطلب – منه – اصلاح داخلي ومشرع وطني..
لذلك ينتقل الواجب والتكليف على ابناء العراق ، الذين عاشوا سنوات المحنة والحصار .. وقاوموا الاحتلال وتظاهروا ضد الديكتاتورية وضد جماعة ما ننطيها. والواجب هو التحشيد لبناء الدولة. ومقدمات ذلك بناء الجيش وتشكيل حكومة على اساس المهنية والنزاهة، وبدون شخوص الحكومة السابقة والحالية.
ويقع الواجب والتكليف على المثقفين عامة والاعلاميين خاصة (4) في التحشيد لبناء الدولة، ودعم مقوماتها وخاصة الجيش العراقي. لان جيشنا هو من متطلبات بناء الدولة، ويفترض دعمه معنويا، وابراز انتصاراته. وضرورة الفهم الموضوعي لماهية الحالة العراقية وعناصر الاصلاح (5). لاننا لا نملك – حاليا – مقومات الدولة الفعلية، بل نملك القوة الشعبية (6) والارداة لها، بالرغم من التشويش الامريكي (7).
ان المخرج الوحيد لشعبنا من هذا الوضع الفاسد والمستقبل المخيف، ان يعلو صوت بناء الجيش، ليكون في خدمة بناء دولة مؤسساتية، بعيدا عن الاحزاب، و بوجود اشراف ورقابة غير حكومية، واهمها المرجعية (8).
وللحديث بقية.
هوامش.
(1) لانه يتولى السطة التنفيذية – فعليا – لاكثر من 10 سنوات.
(2) ابرز القيادات في التحالف يصف العراقيين على انهم (اولاد بعثي او مصري).. وهذا هو شعور اغلب الطبقة السياسية وقيادات التحالف. فضلا عن كون اكثر وزراء الدولة – وخاصة التحالف الشيعي – من النوع غير السوي نفسيا ومعرفيا.. ويحملون حقدا – اكيدا – ضد العراقيين والكفاءات العراقية الوطنية.
(3) اغلب المسؤولين هم من الفاشلين أو الانتهازيين – الفاقدين للكفاءة والخبرة – او مزدوجي الجنسية، وبالنتيجة لا يعاني ما يعانيه المواطن العراقي في الداخل، من هموم الحياة ومستقبل ابناءه، او تلك المعاناة عند مراجعة دوائر الداخلية والجوازات المتخلفة، ولا يعاني في المطارات ، كما يعاني ابن العراق، حامل الجواز العراقي المحتقر دوليا.. كل هذه المعاناة لا يشعر بها اذناب المحتل ونفايات الكتل المستوردة.
(4) ان طرح تغييرات جذرية – من البعض – لا يخدم بناء الدولة، بل يساهم في تعويمها. ان ما يقوم به ينادي به البعض بعنوان (الدولة المدنية) او نظام رئاسي، لا يصب ذلك في مشروع بناء الدولة، بل في تعويمها.. لماذا ؟
ان عملية (تطوير النظام) يكون – منطقيا – بعد الوصول الى حالة استقرار، وبوجود عناصر الدولة، اما عملية (الخبط) في دولة مائعة – نسبيا – يكون سببا في تاخير تشكلها وثبات قوامها.
(5) للاسف، غالبا، يحاول– بعضنا – ان يقلد تجارب الدول الاخرى، دون وعي للفارق. ان مصر فيها مؤسسة مخابرات وجيش ، صارت عمودا فقريا للدولة ، لذلك سقط (حسني) ولم تسقط الدولة.. كذلك في تونس.. وهذا غير موجود في العراق. اما في دول الغرب، فان مجموعة الراسمال (الراسماليون) هم من يمسك الدولة، ويحافظ على مناخ الامن والهدوء والرفاه في دولتهم، لاستمرار مصالحهم. كذلك في ايران – في زمن الشاه – كانت عناصر مستقلة موجودة وفاعلة هي الحوزة والراسمال (البازار) والجيش، لذلك سقط الشاه ولم تسقط الدولة. اما في العراق، فان الوضع يختلف..
(6) القاريء اللبيب ، يمكن له ان يتفحص القوى الحقيقية – المحلية – في الساحة، والمؤثرة في الواقع، وهي كثيرة، لكن أهمها هي (ذات المشروع الوطني) وبالاخص السيد مقتدى الصدر. وحسب فهمي هو عنصر القوة التي يمكن بها ان ندعم بناء الدولة ومؤسساتها، وهذا ما تفرضه عليه –وعلينا – الشريعة. علما ان القاعدة الشرعية تقول : ان وجود دولة – اية دولة – افضل من الفوضى. بينما نلاحظ ان الاحزاب الدينية تؤسس للفوضى وتهدم الدولة وخاصة حزب المالكي.
(7) الهدف الاساس من دخول امريكا هو تهديم الدولة ومنع بناءها. وهي – بعملاءها – وراء وجود داعش والميليشيات الوقحة.
(8) مجتمعنا متدين اجمالا، بالرغم من تعدد العناوين الدينية والمرجعية، الا ان اغلبية الشعب يرجع الى السيستاني والصدر، وهما عنصران اساسيان في بناء الدولة.