17 نوفمبر، 2024 11:51 م
Search
Close this search box.

بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي .. تضحيات الشيوعيين يقطفها الطغاة والجهلة

بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي .. تضحيات الشيوعيين يقطفها الطغاة والجهلة

كفاح حيدر الطائي شابٌ عشرينيٌ كان يُفتشُ عن فضاءٍ حرٍ ليطلقُ العنانَ لأحلامهِ الخضر، وحين قرر أن يصرخ بإحلامه وسطَ جدران مغلقة، تَسربتْ صرختهِ الى مسامع المخبرين السريين والعلنيين المتوقديّن لأصطياد النفوس الخضراء الحالمة ، فأغارت عليهِ عساكر الأمن منتصف الثمانيات من القرن الماضي وضبطت تحت سريرهُ ادلة الموت اشرطة لصرخات وتراتيل “مظفر النواب” الشعرية، فلُفَ حول عنقه حبل المشنقة وظل طوق عنقه الياسميني يلف صدر أمه كلما حّنت إليهِ قبل ان تلتحق بجانب اكبادها.

أنتقلَ حلمُ “كفاح” الى شقيقه “سلام” الذي كانت صرختهُ اكثر دوياً وتمرداً على الواقعِ ، لكنهُ سرعان ما التحق مع شقيقهِ في 1990 برصاصات موت دفع والده عمنا ” حيدر الطائي” مقابلها (30) دينار ثمن لتمزيق جسد “سلام ” الطري الذي لم يمضي على زواجه سوى سنة ونيف ، فطلب في وصيته الاخيرة من زوجته الحامل ببنت ان تسميها ” نور” ، لانه كان يدرك في ظلمة الزنزانة أنهُ سيُساق الى الموتِ ولم يرى النور من جديد.

ثم اغتالت رصاصات الغدر “البعثسلفي” بعد سقوط دكتاتورية البعث شقيقهم الاخر بشير لترسم لوحة تضحية درامية حددت خطوط وابعاد حجم التضحيات التي قدمتها أسر الحزب الشيوعي على مدى عقود الظلم والاضطهاد العجاف التي هيمنة فيها الجمهوريات القومية الاربعة وزمرها الارهابية المجرمة على مقدرات شخوصنا الوطنية وماتلاها من تهميش وانتقام .

وسبقت ارواح ابناءعمومتي الثلاث شاب في ريعان العمر حين كان طالباً في ثانوية المنصور ببغداد وهو الشهيد منتصر عبد علوان الطائي الذي اغتالته يد الغدر والجبن والاجرام البعثية عام 1975 من خلال تدبير عملية دهس مفربكة كونه من النشطاء في اتحاد الطلبة العام بثانوية المنصور ببغداد.

وأنا أتابع أستذكر  ابناء عمومتي الشهداء ” منتصر وكفاح وسلام وبشير” وعمي المرحوم المناضل “عبد علوان الطائي” رئيس لجنة شهداء الحزب وهي اخر مهمة اختارها لتوثيق شهداء الحزب على الرغم  من كبر سنه ومعاناته مع المرض فأخذ على عاتقه لملمة كل معلومة تخص السفر الطويل لشهداء الحزب ، لكن المنية لم تجعلهُ يكمل هذا المشروع الوثائقي حيث توفي في منفاه بالسويد ، فوضعَ أسمهُ في ذيلِ قوافل البقية المنسية من مناضلي الحزب والعراق.

هناك الكثير من الأسماء والعناوين والاماكن والاحلام والاشعار والتراتيل  التي كانَ يجمعها الأملْ في بناءِ وطنٌ حر وشعبٌ سعيد.

لكن  للاسف لم يبقى من هذه الشخوص والاماكن إلا أطلالَ بعض الذكريات يحملها ذويهم والمحبين لهم ، حيث تقف امامها الكلمات عاجزة في رسم صورها وتوثيقها حتى عبر بعض الجمل البكائية التي اصبحت تزدحم وتصرخ عبر ذات النافذة التي كان يحلم بها الابرار ، أن يرى العالم جميعاً جراحاتهم الصامتة التي كابدت المرارات بين جدران من ملح على مدى عقود طويلة من الاضطهاد والموت.

على الرغم من ان الشيوعين هم من اكثر الاحزاب المناضلة ضد الدكتاتوريات والظلم والاضطهاد لكننا لم نرى اي عمل فني يرتقي الى مستوى ولو بسيط  لهذا السفر العظيم من المواقف الوطنية المشرفة  كأنتاج الافلام الوثائقية التي تجسد حالات واستذكارات وشهادات للقصص الوطنية الفريدة لكوادر الحزب والاعمال الوحشية التي تعرضت لها ضحاياه ، ويقيناً ان انتاج افلام  وثائقية عن تاريخ الحزب الشيوعي لايكلف ميزانية كبيرة، وبمقدور الحزب تبني انتاج اكثر من فيلم لقلة الكلفة ولوجود الكثير من المتطوعين ووفرة القصص التي يندل لها جبين الانسانية ، انه حزب الاحرار والفقراء ولانهم متنورين ومخلصين واياديهم نظيفة سارعت اميركا ومن لف حولها من احزاب وشخصيات النهب والسلب والجهالة والتخلف ان تجعلهم خارج التغطية السياسية وهذا حظ العراقيين العاثر .
[email protected]

أحدث المقالات