بعد شهر او نحو شهر من احتلال العراق في نيسان /ابريل2003، اجرت صحيفة”ازفيستيا”الروسية مقابلة على صفحتين مع زبيغنيف بجينيسكي(برجنيسكي-كما يكتب في وسائل الاعلام العرببة) تحدث فيها عن مستقبل العراق.
وقال صاحب المؤلف الشهير(بداية ونهاية الشيوعية) الصادر عام 1945. ان نظام الحكم في العراق بعد سقوط صدام حسين، ووفقا للرؤية الامريكية، سيكون نظاما فيه الكثير من عناصر النظام الشمولي السابق، يديره تحالف بين الاكراد والأحزاب الشيعية، مع نسبة معينة من المؤسسات الديمقراطية؛ ودور أساسي لإيران في الحفاظ على الاستقرار.
ونوه مستشار الأمن القومي شبه الدائم لرؤساء الحزب الديمقراطي. ان مركز صنع القرار
الامريكي؛ يفضّل الأحزاب الدينية حكاما للعراق على العلمانيين، من منطلق انه يمكن السيطرة على هذه الأحزاب بالتفاهم مع مراجعهم وتوجيهها بالوجهة المناسبة.
وفِي حينها قمنا بترجمة اجزاء ضافية من المقابلة ونشرها على ” موقع كتابات”.
للاسف فإنها اختفت من الموقع بسبب التقادم ، كما ضاعت من جهاز الكمبيوتر الخاص بفعل فيروس عطل ومسح كل الارشيف.
واقع الحال فان منظر القضاء على الشيوعية والاتحاد السوفيتي، الذي توفي امس عن 89 عاما، كان صاغ مع نشوب الحرب الباردة بانتهاء الحرب العالمية الثانية، سياسات الإدارات الامريكية الديمقراطية.
الملفت انه كان من أشد المعارضين للعمل العسكري ضد ايران بعد الثورة، مع انه كان من أشد المتحمسين للحرب الفيتنامية.
وربما كان يبدو مغامرة فكرية ان يكتب باحث رسالة دكتوراه دولة، عن نهاية الشيوعية عام 1945 وفي أوج قوة الاتحاد السوفيتي، وانتشار رقعة الأحزاب الشيوعية في العالم، وقيام ما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكي.
بيد ان المحلل الاستراتيجي( عليه ينطبق هذا الوصف بالفعل وليس على كل من يعرف التهجي والقراءة في عالمنا العربي!) كان لا يمتلك رؤية ثاقبة؛ حسب، بل والمشروع، الذي يقضي فعلا على العدو السوفيتي وعلى الحركة الشيوعية.
ولعل احد اهم مؤلفاته ” رقعة الشطرنج الكبرى” يمثل احد اهم مصادر القراءة الامريكية ذات البعد العملي للخارطة الجيوسياسية في العالم.
ولم نطلع على الترجمة العربية للكتاب.
لكن قراءة متمعنة لطبعته الروسية، توفر للقاري المعني بالقضايا الدولية. زادا فكريا ومادة تحليلية قد تختلف او تتفق معها ايديولوجيا ، و لا يملك المرء ، الا الإعجاب بعمق برجينيسكي الذي كانت تقاريره ودراساته أساسا لنهج، وسياسات واشنطن في العالم وفِي منطقتنا الخاسرة على الدوام لان حكوماتها لا تقرا ولا تكتب ولا ترى ولا تسمع .
فكلهم ” محللون استراتيجيون”!!!!