ارتكبت إسرائيل مجموعة كاملة من جرائم الحرب في قطاع غزة منذ ما يقرب من عام، بما في ذلك التدمير والقتل والاغتصاب، مما أدى إلى سقوط أكثر من خمسين ألف شهيد ومائة ألف جريح ، ومعاناة أهل غزة من المجاعة والحصار وقطع المياه.
وفي الأول من مايو, أيار / 2024، وافقت حماس على إنهاء الحرب بصفقة تبادل، لكن المتشدد نتنياهو رفض ذلك, ولم يكن هناك أي رد من الحكومة الأمريكية ولم يتم ممارسة أي ضغط على نتنياهو لقبول الصفقة.. فأميركا يحكمها ويسيطر عليها اليهود، ولا ينبغي للرئيس الأميركي أن يعارض أي قرار إسرائيلي مطيعاً.
وفي يوليو, تموز/ 2024، قبلت حماس صفقة لإنهاء الحرب، وإن كانت غير عادلة، وغيرت شروط الصفقة لصالح إسرائيل.
وعلى الرغم من كل هذا، فإن أمريكا أرسلت أكثر من 500 شحنة من الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل، لكي تستمر في شن الحرب، وفي قتل الناس، وتستمر في تدمير قطاع غزة , ثم لبنان.
إسرائيل” تسير في الطريق الخطأ، طريق فرعون , حينما قتل فرعون آلاف الأطفال ليمنع موسى (عليه السلام) من مجيئه، ولكن عندما جاء موسى قام بتربيتهم في قصره رغماً عنه.
أذن لماذا لا يوافق نتنياهو على صفقة لإنهاء الحرب، ووقف قتل أسرى الحرب، ووقف سقوط ضحايا من المدنيين اليهود والقوات الإسرائيلية ؟ لقد اتفقوا في السابق على إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني وإنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح جندي واحد اسمه شاليط ، فلماذا لا يعقد صفقة مع حماس؟ ما الذي يمنعه حقا هذه المرة ؟ .
المشكلة هي أن نتنياهو يعتبر نفسه أحد القادة التاريخيين لإسرائيل، على نفس مستوى القادة التاريخيين للشعب اليهودي (ثيودور هرتزل، حاييم وايزمان، ديفيد بن غوريون، جابوتنسكي). وهو فخور بكونه أعظم زعيم جاء ليحكم إسرائيل على الإطلاق.
كل ما يريده نتنياهو هو محو وصمة العار التي لحقت به في 7 تشرين الأول, أكتوبر/ 2023 م.. إنها ثقب أسود، وليس نقطة سوداء في تاريخهالإجرامي .
نتنياهو لا يهمه إذا مات جميع الأسرى أو إذا مات عشرة آلاف جندي إسرائيلي, أو إذا تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر بمليارات الدولارات.. لقد قال ذلك بنفسه في مقابلة تلفزيونية (الأسرى يعانون ولكنهم لا يموتون)، فهو يعني ضمناً أو سراً أنه يريد أن يموت الأسرى وتنتهي الحادثة.
أذن كيف يرى نتنياهو نهاية الحرب، أو كيف ستنتهي؟
وهذا لن يحدث، لا من الخارج بزيادة الضغط الشعبي وتدمير البلادوالعباد، ولا لأن هناك قطاعاً كبيراً يعارض إنهاء الحرب.. أو بتغيير الموقف الأميركي، هذا لن يحدث. لأن اليهود يسيطرون على السياسة الخارجية الأمريكية.
فماذا يريد نتنياهو إذن؟
يريد رئيس الوزراء نتنياهو حرباً واسعة في الغالب مع حركة حماس وحزب الله والفصائل العراقية والحوثية وأيران .. وفي تلك الحرب، سوف يكون هناك تدخل مباشر كامل من جانب المؤسسة العسكرية الأميركيةوالبريطانية ، حيث تهاجم القوات الأميركية بشكل مباشر إيران، وحزب الله، والعراق، واليمن.
ولنا في التاريخ حكاية وعبرة
كان أهل العراق، وهم يشاهدون التتار وهم يجتاحون منطقة خراسان ويقتلون الملايين من الناس، لم يتحركوا لدعم إخوانهم المسلمين واختاروا أن يسلكوا طريق السلام مع التتار , وبعد عامين فقط.. جاءهم التتار وقتلوا من أهل بغداد أكثر من مليون شخص وأحرقوها وكل من كان هناك، واستخدموا السيف ضد الشعب العراقي.
ولكن أهل الشام لم يتعلموا هذا ورفعوا راية السلام، ووقعوا المعاهدات والاتفاقيات مع التتار، بعد أن شاهدوا العراق يحترق ويذبح أهله.. وفي غضون أشهر قليلة جاءهم التتار واحتلوا الشام، ودمروا دمشق، وقتلوا أهل مدينة حمص، وأحرقوا مدينة حلب تمامًا, إلا أن الشعب المصري لم يتقبل ذلك. وكان حكام مصر المماليك أنذاك وهم ليسوا من العرب.
فكان يوم عين جالوت بقيادة السلطان المملوكي ( سيف الدين قطز1221– 1260) يوما صعبا على المسلمين ، اضطر قطز إلى خوض المعركة بنفسه، وهكذا تغيرت دائرة التتار، وأصبحت – معركة عين جالوت – مكان انقراضهم الحقيقي، حيث آمن الله به وأنقذ العالم من شرهم على يد من آمن بهم.
هذه هي القوانين التي طالما تجاهلها الرجال، سيذوقون من الكأس المر إلى الزنزانة… لا سلام مع المحتل، ولا أمان للجبان الذي يهجر أخيه.
واليوم نتساءل :
أين أختفى التضامن العربي وحتى الإسلامي بعد مرور عام من الحرب الصهيونية – الفلسطينية.. وهل نحن بحاجة اليوم الى قطز أسلامي ليقطع يد المغول الجدد؟. أنا أنتظر معكم أيها المنتظرون!.
كاتب وأعلامي