بغداد عاصمة الدولة العباسية منذ القرن الثاني للهجرة والتي أنشئها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وقد نشأت بطابع أممي جعلها مفتوحة أمام أمم الشرق المتعددة والمتباينة في أحوالها الاجتماعية والدينية والثقافية .
بغداد كانت عبارة عن مجمع ووعاء لاختلاط أصول جغرافي وقد ساعد ذلك على الحياة الاجتماعية.
لقد طمحت الشعوب المختلفة إلى زيارة بغداد وسكناها والتبادل الثقافي والاجتماعي باعتبارها المركز الديني والثقافي للعالم الإسلامي { مركز الخلافة } وعاصمة لاقتصاد المجتمع الإسلامي في ذلك العصر حيث ازدهرت فيها الثقافات المختلفة و كتب الأدباء والشعراء والموسوعيون عنها الكثير حتى غدت ،{قصة ألف ليله وليله } على كل لسان في العالم وازدهرت بغداد في كل شئ حتى وصفت {بعاصمة الدنيا } ويفيض حب ألجواهري فيها فيقول : على بغداد ما بقيت سلاما – يضوع كما ذكا للورد نشر . سكرت ما سقيت بغير ماء — دجلة ماؤها عسل وخمر . كريمة سادة عرقن فيها — عروق من بني عدنان نضر
كانت شعاع نور ينبعث إلى العالم ينير الطريق للانسانيةويغدق عليها بالعلم والمعرفة وهي تسمو بمراقد الأئمة الأطهار وعلماء الإسلام ,
كانت بغداد شوكه في عيون أعدائها وبعد أن فقدت زمام المجد والشموخ وتبعثرت مصادر القوة انفتحت شهية الغزاة لاغتصابها وتدميرها . فتكالبت عليها وتعددت ..
ففي عام { 1258 }م استطاع هولاكو حفيد جنكيز خان من غزو بغداد واكتساحها ومن ثم تدميرها تدميرا شاملا طمس كل نفائس العلم والمعرفة وحرق كل ما ينسب لحضارتها . وقتل اكثرمن مليون وثمانمائة إلف شخص خلال أربعين يوما .
وبعد خمسة وثلاثين عاما عاد حفيد هولاكو تيمورلنك إلى بغداد وقتل عشرات ألاف ونهب أموالها وكنوزها.
بعد عام واحد من احتلال تيمورلنك ضرب السلطان احمد حصارا حول المدينة ودخلها وارتكب المجازر فيها .. ثم عاد تيمورلنك إلى بغداد فحاصرها أربعين يوما وضربها بالمنجنيق ودخلها وقتل ألاف من سكانها , أعاد العراقيون بناء مدينتهم .. ولكن بعد سبعة عشرة سنة سقطت بغداد بعد إن حاصرتها جيوش ( قره يوسف) وقادها ابنه ( محمد شاه ) وقتل ألاف من أبنائها وأسس فيها ( دولة الخروف الأسود) واحتل بغداد أيضا ( احمد ابن قره يوسف ) وحكمها ثلاث وعشرين عاما .. ثم حاصر بغداد ( جيهان شاه ) ودخلها وعين ابنه ( بير بوداق ) واليا عليها ثم تمرد الابن على أباه وجاء أباه وأسقطه وقطع رأسه ومن معه .
ثم جاءت ( دولة الخروف الأبيض ) التركمانية بزعامة ( مقصود بن حسن الطويل ) في ظل النكبة كان الناس لا يحفلون بغير اللازم للمأوى والسلامة وذلك في عهد الدولتان من التركمان دولة الخروف الأبيض ودولة الخروف الأسود وكان للاثنين في التاريخ اثأر د مويه .
ثم جاء سنة { 1508 } ألصفوي الكبير إسماعيل فقضى على دولة الخروف الأبيض التي كانت قد ابتلعت دولة الخروف الأسود وعمل في بغداد السيف والنار وذبح أبناء بغداد والعلماء وهدم قبور المسلمين وعين خادمه خليفة على بغداد بعد إن دمر الكثير من حضارتها ورونقها وأعاد لفارس عهدها في العراق استمر سبعا وعشرون سنه .
ثم جاء الترك العثمانيون سنة { 1534 } بزعامة السلطان ( سليمان ) اخرجوا بقايا الصفويين من العراق وأمر بإعادة بناء الأماكن المهدمة وعمل السيف أيضا وعانت بغداد والمدن الأخرى من ويلات الحروب والدمار .. وتوالت عليها الغزوات و تعددت النكبات ثم حل وباء الطاعون ففتك بأهلها كان الوباء يذهب بأكثر من عشرة ألاف شخص في كل أسبوع ثم حل طغيان دجلة الذي طغى على المدينة فأصبح القسم الأكبر منها تحت المياه وذهب الكثير من الضحايا بسبب الفيضان .
ومرت السنون وبعد إعادة بناء المدينة دمرت أكثر من مرة جراء الحروب وطمع الآخرين ثم انتهى العهد العثماني .
وحل الاستعمار الانكليزي حيث بقيت بغداد ومدن العراق بأقسى ظروف التخلف والحرمان والفقر والجهل.. إلى أن طردتهم ثورة 14 / تموز / 1958 من قبل الجيش العراقي بزعامة المرحوم عبد الكريم قاسم .
وأخيرا احتلت بغداد من قبل جيوش أمريكا وحلفائها الغربيين بتوجيه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن واستخدمت آلة الحرب ألحديثه لتدميرها تماما هذه المرة اتو على كل حضارة بغداد وتاريخها والعراق أيضا .
بغداد مررت بك هذه الماسي والغزوات والحروب لا لذنب ارتكبته إنما تكالب عليك الغرباء على مر الزمن . لأنها شوكة في أعين الأعداء
ألان ترى هل نستلهم من الماضي ومآسيه العبر حتى نستطيع أن نعيد لعاصمة الدنيا شعاع نورها . نرجو الله إن يعم السلام والأمان والاستقرار …. لنحتفل بيوم بغداد بالفرحة والزهو ونفرش أرضها بالزهور والرياحين .