مهنيا، يفكر الطبيب بتطوير ملكاته لأكتشاف طرق جديدة في العلاج، وتوسيع معلوماته والارتقاء بمدركاته ومواكبة أحدث مستجدات أساليب الاداء والعلاج والادوية والاجهزة، والاطلاع المكثف على مقررات منظمة الصحة العالمية؛ بغية إلتزامها، والتماهي مع تفاعلات الواقع الصحي المحلي والعمل النقابي وتداخلات الاحداث من حوله، في بلد يكتظ بالتفجيرات والامراض، بواقع إنفجار واحد، لكل ستة عراقيين، منذ 2003 ولحد الان، حسب آخر إحصاية لمركز دراسي متخصص.. عالميا.
ذكرى
تطوير ذات الطبيب، ضرورة ذاتية، قائمة على شأن خاص ذي بعد عام؛ ما يضع على النقابة أمام مسؤولية الاخذ بيده نحو منابع الاطلاع والتدريب، فـ “فوق كل ذي علم عليم”.
فبرغم كون التطوير الذاتي، شأن خاص بالطبيب وحده، إن شاء سعى وإن فتر أقصاه المرضى وتنحى عنه المراجعون، لكن مهمة النقابة، الا تدع طبيبا يتكاسل.. ناسيا نفسه.. “ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين” والايمان بالمهنة وإلتزام شروطها، جزء من الهداية الإلهية المطلقة، وفي جزء أكبر منه يعد تفاعلا مع أحدث البحوث التي تقر منظمة الصحة العالمية نتائجها؛ فيبادر الى إعتمادها، لتندرج ضمن وسائله التي يحاول ان يتميز بها عن سواه، في تخفيف آلام وتبعات المرض عمن مراجعيه.
نقابة
ولكي تتكامل المنظومة، ينبغي ان تتوفر وراء البنية الصحية للمجتمع وزارة قوية ونقابة مثلى.. الوزارة تستمد كيانها من قوة الحكومة، أما النقابة فوجودها قائم بالهيئة العامة، التي تجيد إختيار من يمثلونها في مجلس مركزي يحسن تسيير شؤون المهنة ويسهم بتطوير أطباء البلد، من خلال مد صلات المعرفة مع الاسرة الطبية في العالم، وإيجاد فرص يسيرة لا تبهظ مزاج اعضاء الهيئة العامة، ولا تستنزف جهودهم في بلوغها؛ إذ ان تيسير المنجز، على المستفيد منه، مهمة النقابة، التي ينبغي ان ترعى شؤون اعضائها.. لأن النقابات مطلبية صرف، وجدت لتلبي طلبات أعضائها وتضفي عليهم مكاسب وتحقق لهم موقعا تتوقف عنده القوانين والاعراف.
إلتباس
العراق بلد ملتبس، في مراحل وجوده كافة؛ لذا تحظى مهنة الطب فيه، بقدر من المسؤولية أكبر من المهن الاخرى.. قدر يربو على الميادين الحياتية الموازية له؛ بحكم كينونة ترجحه؛ لأنه المصب الذي يتحمل أوزار غياب الخدمات او شحة السوق وسواها؛ لأنها بالنتيجة تسفر عن أمراض وأوبئة، تضع الطب بالمواجهة، لتصحيح أخطاء الخدمات، التي ألحقت ضررا بصحة المجتمع.. بل حتى الحروب على الجبهات، يتحمل فيها الطبيب، وزر ثبات الأعصاب، وهو يعالج الجرحى، تحت وابل القذائف المتساقطة حوله.. فأي ملاك هذا الذي يعنى بمداواة الجروح، بأعصاب رخية، يتخطفه موت خافق.. أقرب إليه من حبل الوريد.. يتهدده.
مهنية
بهذه العزيمة، اتمنى على زملائي الاطباء، معرفة قيمة وجودنا المهني، الذي يلزمنا بمحاورة وزارة الصحة ومنافذ الدولة الخدمية، بلسان نقابة تعنى بأغلى ما في وجود الانسان، الا وهو عافيته التي لا بعدها بعد ولا قبلها قبل، وفق إعتراف الحكماء في المجتمع نفسهم، وليس بلساني أنا كنوع من إضفاء أهمية على مهنتي كطبيب.