23 ديسمبر، 2024 1:46 م

بليغ والبلاغة والحاقدين

بليغ والبلاغة والحاقدين

جعل الباري جل في علاه البلاغة في اللغة العربية، حتى أنها في الآخرة كلام أهلها، لأن فيها من الحروف ما لا تجده في لغات المعمورة الحية اليوم، وأن تكون بليغا متمكنا من لغتك، يجب أن تكون قد قرأت لأمهات الكتب، وقبلها أن تكون قد قرأت القرآن، لكي تضبط مخارج الحروف عندك، فاللغة العربية على هذا لغة تكاد تكون أشبه بالموسيقى، التي ما أن تخطئ في النوتة الموسيقية، ستكون المقطوعة الموسيقية نشاز.
بليغ من بَلَغَ، بمعنى صار فصيحا وحسن بيانه عند تركيب الكلام، مع فصاحة وبيان، وفي هذا نقرأ في القرآن الكريم: ((وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا))، النساء 63.
تعودنا من سياسيي الغفلة، بعد سقوط نظام صدام؛ بأنهم يفهمون في كل شيء، ومطلعين على بواطن الأمور التي تطبخ في الغرف الخلفية والحمراء، وأنهم وديعون كالحمل عندما تسير معهم في التيار وتماشيهم فيما يقولون، وإن كان ليس له أساس على الأرض، لكنك وبمجرد أن تعترض على ما يقولون، برزت إليك أنيابهم كالكواسر الضارية؛ لينهشوا لحمك ويقطعوك إربا، لا لشيء إلا لأنك تحاول أن تضع الأمور في مسارها الصحيح، وتقول الحق الذي هو أحد صفات الخالق.
طالما أنك إرتضيت أن تخالفهم فيما يقولون، وتكشف زيف ذلك كله، عليك من هذه اللحظة أن تستعد لقادم الأيام وما تحمله لك من مطبات سيضعونها في طريقك، ويفترون عليك الأقاويل، ويصفونك بما ليس فيك، في محاولة منهم لإسقاطك أو تصفيتك، أو على الأقل ضمان سكوتك.
بليغ أبو كُلل، نموذج حي من هذه النماذج التي يحاولون النيل منها، فالناطق باسم إئتلاف المواطن، كثيرا ما شاهدنا وهو يحاور أعضاء دولة القانون تحديدا، ويفحمهم بالحجة؛ ولم يكتف بذلك، بل يقوم بنصحهم لما فيه خير البلد والعباد، لكن هيهات هيهات؛ فهؤلاء أناس لا يرون الصورة كاملة، كما كان يفعل من قبلهم أيام نظام صدام، فهم لا يرون إلا شخص القائد الأوحد، الذي قوله صدق، وإشارته أمر.
ثقافة الرأي والرأي الأخر معدومة من تفكير هؤلاء، ومع الأخطاء التي إرتكبها مختار عصرهم؛ لا يزالون يمنون النفس بالعودة الى المربع الأول، من خلال وضع العصي في عجلة تشكيل الحكومة الجديدة، وما محاولة التسقيط التي تعرض لها أبو كُلل؛ إلا واحدة من تلك العصي، بإعتباره الناطق باسم كتلة المواطن التي يرأسها السيد عمار الحكيم، من هنا فهم يحاولون التأثير عليهم من خلال إستهداف شخصياتهم.
أما أنت يا أبو كُلل فيكفي أن تقرأ فيهم من القرآن، ما يشفي صدرك ويبرد غليلك؛ عندما يقول فيهم الباري عز وجل: ((فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث))، الأعراف 176.