أعلنت وزارة النفط ( يوم الجمعة ) إن مجموع الإيرادات المتحققة لشهر آذار 2022 بلغت (11,07) مليار دولار ، استنادا للإحصائية الأولية الصادرة عن شركة تسويق النفط العراقية ( سومو ) ، وعند مقارنة هذا الرقم مع إيرادات تصدير النفط لشهر آذار لعام 2021 والبالغة 5,78 مليار دولار فان هناك زيادة قد حصلت في قيمة الإيرادات بمقدار 5,29 مليار دولار ، وبلغة الأرقام فان فارق الإيرادات الذي تحقق في كانون الثاني وشباط وآذار من هذا العام مقارنة بالأشهر نفسها للعام الماضي قد بلغ أكثر من 12 مليار دولار ، بما يشير بان مجموع المتحقق من الإيرادات خلال الثلاثة أشهر الماضية بلغ أكثر من 27 مليار دولار وبالعراقي يعني أكثر من 39 تريليون دينار ، ولان الموازنة الاتحادية لعام 2022 لم تولد لحد اليوم ولم يتم تشريعها بعد ولان قانون الإدارة المالية وتعليمات وزارة المالية لا تسمح بالصرف لأكثر من 1\12 ( شهريا ) من مجمل المصروفات الفعلية للسنة المالية السابقة ( 2021 ) ، فان من حق الكثير أن يسالوا أين تذهب هذه المليارات ، كما إن من حق أي مواطن إن يجد إجابات لما حصل له من تغيير ايجابي بتحقيق إيرادات بمقدار 27 مليار خلال ثلاثة أشهر فقط من ثرواته التي هي من حقوقه وليس من أي مصدر غير العراق ، آخذين بالحسبان أن الحديث هو عن إيرادات النفط التي لم تدخل بها إيرادات بيع نفط إقليم كردستان ، التي من المفترض أن تكون 250 ألف برميل يوميا حسب قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021 ، والتي تغيب عن إحصاءات وزارة النفط ( سومو ) دون أي تفسير او توضيح ، ناهيك عن إيرادات الدولة الأخرى من نشاطها الاعتيادي او العرضي او من خلال الضرائب والرسوم وغيرها من الفقرات التي تتكون منها مجمل الإيرادات .
والغريب في الأمر ، إن وزارة النفط التي تعرض إحصاءاتها ( بشفافية ) كل شهر ، قد أشارت بان الإيرادات المتحققة لشهر آذار الماضي تعد أعلى ما حققته الوزارة من إيرادات بيع النفط منذ عام 1972 ، وبلغة الأرقام أيضا فان معدل دخل الفرد العراقي الواحد من إيرادات شهر آذار من نفط الجنوب وكركوك فقط ( وبمعزل عن الهدر والسرقات والفساد والتهريب ) وليس من مجموع إيرادات الدولة بلغ 268 دولار شهريا ، وعلى فرض دقة أخر تقديرات لوزارة التخطيط التي تفيد بان العدد الحالي لسكان العراق هو 41 مليون نسمة ، فان هذا الرقم ( 268 ) يدعوا للسؤال أيضا إذا كان بلدنا يتمتع بهذه الخيرات فلماذا خصصت الحكومة منحة غلاء العيشة للفقراء ومحدودي ومعدومي الدخل ولشهر واحد فقط بمقدار 67 دولار ( 100 ) ألف دينار وهي تعلم بكل تفاصيل ما يدخل للشعب من إيرادات وخيرات ، وإذا كانت الدولة قد لجأت من باب ( الاضطرار ) في حينها لتخفيض سعر صرف الدينار الوطني مقابل الدولار الأجنبي والذي حقق لها إيرادات بمقدار 12 مليار دولار والتي تحققت خلال الثلاثة أشهر الماضية بفارق الأسعار ، فلماذا لا تعيد النظر بأسعار الصرف نظرا لزوال الأسباب لإيقاف ما سببته من اضطرابات في الأسواق وارتفاع بأسعار السلع والخدمات وغيرها من التداعيات ، وهناك من يسال أيضا إذا كانت الإيرادات المتحققة ذلك الشهر هي الأعلى منذ 1972 فهل إن ما تعيشه الأكثرية اليوم هي الأفضل خلال تلك السنوات ، التي غامر بها النظام البائد بالحروب وعرض شعبه للمقاطعة والعزل والحصار ، وهذه الأسئلة قد يجد لها ممتهني ألأجوبة والتبريرات ما يقابلها من ردود ومسوغات ، ولكنها سوف لا تقنع الغالبية من شعب ينتظر منقذا لتحويل أموال النفط إلى تنمية ومشاريع وخدمات توفر له رغيف الخبز وتملا له صينية الإفطار في رمضان بعد أن غابت الكثير من المفردات ( غير التموينية ) ، فلغة الأرقام بحاجة لمن يجاريها بأفعال وليس بأكاذيب ووعود وأقوال ، فهناك دول نهضت وبشار لها بالبنان وهي لا تملك نفطا بعدما حولت اغلب الأشياء لأموال وثروات ، وجعلت شعوبها أغنياء وسعداء