من مذكرات الاديب العالمي بابلو نيرودا وهو غني عن التعريف (بأستثناء الساسة لان ساسة العراق لا يعرفون شيء سوى النهب والخمط والنفاق!!!) يقول ان في احدى سفراته وقف عند نقطة تفتيش على الحدود .. فتح الشرطي حقيبته ورأى صورة التقطتها مع احد كبار شعراء تلك الدولة فما كان من الشرطي الا ان ارجع الصورة واغلق الحقيبة واعتذر مني اشد الاعتذار .. فقلت له لماذا الاعتذار .. فقال انك قد التقطت صورة مع شاعر كبير لدينا وهذا يدل انك شاعر او كاتب كبير فأحتراما لمكان شاعرنا واحتراما للشعر وللثقافة التي تحملونها كيف بي ان افتش حقيبة مثقف .
هكذا يتعامل العالم مع مثقفيهم وادبائهم .. انهم قدوة المجتمعات وطليعتها بل هم رافعوا رايات التقدم نحو حياة حرة كريمة .. فالمثقفون هم في واجهة الاعاصير التي تواجه بلدانهم .. ففي كل محنة ترى الاقلام تكتب والشعر يصدح والفن يصرخ من اجل انهاء احتلال او حقبة دكتاتورية تسلطت على رقاب الشعب او ازمة عاصفة او غيرها من البلايا والكوارث .
نعم كل البلدان تحترم مثقفيها الا في هذا البلد اليوم .. فقد تسلق على حكم العراق اليوم ساسة يجهلون ابجديات العلم والثقافة رغم ان معظمهم كتب امام اسمائهم دكتور او استاذ ويحملون حسب زعمهم شهادات عليا (ولا ادري من اين جاؤوا بتلك الشهادات وهم يقولون كنا معارضة ومضطهدين ومشردين في البلدان!!!) .. ساسة العراق اعداء الثقافة والحرية ومن اجل ملئ غريزتهم الانتقامية من اهل الثقافة والعلم وبحجة تقليل النفقات وكذلك الاكذوبة الكبيرة ما تسمى بالاصلاحات اوقفوا منحة الصحفيين والادباء والفنانين (وكأن هذه المنحة هي التي عطلت مشاريع العمران والتقدم) .. !!!
الغاء منحة المثقفين قرار من ساسة العراق الغيارى لانهم فلته التاريخ … الغاء المنحة والابقاء على النهب والسلب اليومي .. الابقاء على رواتب جيوش ومعسكرات الحمايات .. الابقاء على الايفادات الحكومية (السفرات وطبعا مع عوائلهم) .. الابقاء على المناصب الهامشية ورواتبهم … الابقاء … الابقاء ..الخ .
لا استغرب قرارات الحكومة ومجلس النواب لانهم اناس جاؤوا جائعين طامعين بثروات هذا البلد وسرقاتهم وفسادهم تزكم الانوف .. المستغرب موقف النقابات والاتحادات والصمت المطبق (بأستثناء السيد مؤيد اللامي الذي طالب ويطالب من خلال اجتماعاته بهذه المنحة وعدم ايقافها وصرفها هذه السنة) .. فموقف نقابة الفنانين واتحاد الادباء موقف مخيف من حيث السكوت المطبق !! .
انها مليون دينار يا ساسة العراق وليس بناء قصور وفلل في شرم الشيخ وجزيرة النخلة وباحات لندن وجزر فرنسا وغيرها !! .. اليس عارا ووصمة عار في جبينكم وانتم لهفتم وتلهفون المليارات وتضعون اعينكم على مليون دينار !! امن العدالة (ان كان في قاموسكم خردل من العدل) الغاء مليون دينار منحة سنوية (ما يعادل ثمانون الف دينار شهريا) وانتم تصرفون على ملذات ابنائكم ملايين شهريا داخل وخارج العراق .. لسان الحال يقول (حسبنا الله ونعم الوكيل) .