22 نوفمبر، 2024 11:58 ص
Search
Close this search box.

بلد التناقضات

من حكاياتنا (3)
بلد التناقضات
ترجلت من السيارة وتركت النقاش يدور حول أوضاع البلد وأسعار الدولار المرتفعة,كنت على موعد مع صديق لأستشيره ببعض الأمور التي تخص العمل وصلت قبل الموعد بنصف ساعة تقريباً، كانت لدي الرغبة في المسير على الرغم من أن البرد كان شديد والشوارع ممتلئة بالفيضانات والوحل، مشيت بشارع طويل، وعلى جنبه بيوت اقل ما يمكن أن يقال فيها أنها مخيفة وغير صالحة للسكن، تلك البيوت الطينية عندما تنظر اليها وبسبب صغر مساحتها، تتسائل كيف اتسعت لأصحابها، رجال ونساء واقفين ومبللين يلبسون البسه شتاءيه قديمة بالية تغطيها الوحل والمطر منشغلون بتصفية الأمطار التي ملأت بيوتهم, وأطفالهم كثيرون جداً يديرون حولهم, فشعرت بالغم والهم يبعث الأسى والحزن لحالهم التي يرثى لها, في حين تجد الجانب المقابل لهم، منازل فارهة وواسعة ذات مساحات كبيرة وربما بعضها يسكنها عدد قليل من الأشخاص في حين أغلقت الدور الأخرى وهجرت، نساء يلبسن حريراً ملوَّناً، وصافي اللون يغمرهن سرور مستفيض ينضح من هذا اليوم الجميل ورجال كأنهم استيقظوا من نوم هنيء مريح، فمن يرى تلك البيوت وأصحابها يتيقن بأن مالكيها ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب، إما أولئك في المقابل صفر الوجوه، وهم غارقون في خضم من الآلام واليأس وعلى زوجاتهم مسحة من بقايا جمال مثقلة بالهموم.
إما زجاج نوافذهم الطينية المهشمة وفي الزوايا بيوتهم تحتوى على أكياس للنفايات ملأ بالأقذار بالإضافة إلى القصب الذي أرتفع كأنه سور يحول بظلاله دون رؤية مأساة من هم بداخله.
مسحت الطين عن حذائي على طرف الرصيف، ضحكتُ مصدوماً ولم أعرف كيف أتصرف
شاهدت خلال نصف ساعة هؤلاء البؤساء ولاحظت الألم الذي يتخبطون فيه والفاقة التي يتقاسمون مرارتها، وفي مقابل ذلك هناك أناس يبحثون عن لذائد الحياة المترفة المشبعة بالأنانية
على حساب الفقير، اختليت بنفسي ولم يكن يسمعني او يشاهدني أحد حين تذكرت أن هذا بلدي, بلد التناقضات بين أناس يجتهدون للحصول على قوتهم اليومي ويعيشون أسوأ ظروف معيشية وصلت إليها البلاد وهناك من يعيشون البذخ الفائق دون الشعور بمعانات الآخرين.

أحدث المقالات