23 ديسمبر، 2024 5:52 م

بلدية كربلاء …… في العهد العثماني

بلدية كربلاء …… في العهد العثماني

في بداية الامر وقبل صدور التنظيمات في الولايات العثمانية كانت الشؤون البلدية تدار من قبل القضاة و المحتسبين وقد استفادة الدولة العثمانية من نظام القضاء الاسلامي في تنظيم امور الخدمات وفض النزاعات اضافة الى الفرضيات القبلية او عادتها و التزامات افرادها وبعد ان استقر هذا النهج حتى اصبح فتح المدن لايكتمل الا بتعين قاض و(صوباشي) وهي رتبة عسكرية من صنف الفرسان ويكون مسؤول عن امن منطقته وقد تم تقسيم الدولة أداريا الى وحدات يطلق عليها اسم القضاء و الآيالات و السناجق حيث يكون قاضي المدينة هو من يلبي حاجات الناس الامنية والحكومية ويعاونه عدد كبير من الموظفين بشكل مباشر او غير مباشر فمنهم النائب والقسام و المحتسب والمعمار و الكاتب و المحضر ( الشرطة القضائية ) والترجمان و الامام والراهب و الحاخام وحسب طبيعة ووقائع تلك المدينة …………….
وفي كربلاء وبموجب النظام الاداري الذي اطلق في عهد مدحت باشا اصبحت كربلاء سنجقا تابعا لولاية بغداد الا انها عادت عام 1873م كقضاء تابع لسنجق الحلة حتى عام 1877م لتعود ثابية ولتصبح سنجقا تابعا لولاية بغداد حيث تظم ثلاثة اقضية لها وهي ( الرزازة و النجف و الهندية ) وخمسة نواحي ( الرحالية و شفاثه وغربية و الكفل و المسيب ) و للطابع الديني الذي اتسمت به و لكثرة الزوار من جميع انحاء العالم وعلى مدار السنة فقد كانت هذه المدينة بأمس الحاجة الى مؤسسة خدمية تعني بشوارعها 0
وألية استحداث دائرة البلدية لم يكون بالأمر البسيط فيتم اعداد الدراسة من قبل قائم مقام المدينة الى والي بغداد يتحدث في هذه الدراسة شرح مفصل عن واقع الشوارع فيذكر انها مملؤة بالقاذورات بحيث يصعب المرور والعبور اضافة الى  تجمع المياه الآسنة في الطرق وان المياه المعدة للشرب ملوثة ولغرض انقاذ المدينة من الوضع المزري ولتوفير جو من النظافة والطهارة يطالبون بتشكيل بلدية كربلاء ويتضح من هذه الدراسة ان انشاء اي بلدية ليس اعتماد على اعداد السكان او مساحة المدينة وانما اعتمادنا على نشاط و تأثير وجهاء المدينة ومقدار احصاء الموارد المالية لخزينة الولاية …………………………………….
وفي عام 1875م استحدثت بلدية كربلاء 0 لقد حددت المادة الرابعة من قانون بلدية الولايات بان رئيس البلدية يتم تعينه من قبل الحكومة ومن قبل اعضاء المجلس البلدي المنتخب اصولا ، حبث تقوم اللجنة المشرفة على انتخابات البلدية بتنظيم محضر باسماء الفائزين ومن يحصل على اكثر الاصوات يرشح لرئاسة البلدية وترسل الاسماء الى مجلس ادارة الولاية للمصادقة واصدار الفرمان  اي امر التعيين وكان مجلس بلدية كربلاء بضم اعضائة الخمسة وهم :
سيد مهدي أفندي / رئيسا         محمد أفندي / عضوا
حمودي أغا / عضوا               الحاج حسن اغا/ عضوا
حسين اغا / عضوا                برقي أغا / كاتب
وفي عام 1301 هجرية تم تقليص المجلس الى ثلاث وفاز كل من
حسين افندي / رئيسا             سيد محمد افندي / عضوا
محمد باقر أفندي/ عضوا           كاظم أفندي / عضوا
محمد طاهر أفندي/ كاتب
وزاد عددهم الى اربعة اعضاء بعد ان تم انتخاب / جار الله افندي/ لعضوية المجلس وذلك عام 1884م
وفي بداية القرن العشرين زاد اهتمام الدولة العثمانية بمدينة كربلاء وخاصة الجانب الصحي وضم الى المجلس اليلدي طبيبا فتكون المجلس من :
سليمان أفندي/ رئيسا وكيلا             حاج حبيب أفندي / عضوا
حاج علي أغا أفندي / عضوا              مهدي أغا / عضوا
محمد أفندي / عضوا                 ثريا حكمت أفندي / طبيبا
وكانت كربلاء في اواخر الدوله العثمانية تتألف من سبع محلات وهي ( المخيم و باب الطاق وباب السلالمة وباب بغداد وباب الخان والعباسية الغربية والعباسية الشرقية )ويبلغ عدد سكانها (5000) خمسة الاف نسمة آنذاك
اقسام البلدية :-
لقد سن قانون البلديات في عام 1877م على تشكيله من الشعب التالية :-
1- الشعبة الهندسية:- ويدير شؤون الشعبة درجة مهندس اختصاص ويعاونه في أداء واجباته (معمار) مختص  وعدد من  الموظفين وواجب هذه الشعبة تطبيق قانون الابنية داخل المدينة وضواحيها ومنح اجزات البناء واجزاء الكشف للمباني الآيلة للسقوط وتنظيم الخرائط و المخططات للشوارع وغير ذالك من الامور الفنية وكانت تعتمد اعتمادا كليا على المعماري الذي اخذو هذه الصنعة من اسلافهم او بالممارسة اوالوراثة الذي قدموا اروع التصاميم للبيوت التي شيدوها للآهالي وخاصة ريازة الواجهات والمداخل ولما رسمت بعض بصمات التصميم العثمانية على الشوارع من قبل مراتب الجيش العثماني في المدن الكبرى كبغداد و الموصل
2-  شعبة التفتيش :-  وهي من الشعب المهمة ومسؤليتها  نظافة المدينة وتنظيم اسواقها ونظافة مطاعمها واماكنها العامة ومراقبة من يحاول الغش في المقابيس و المكايل ومنع الاطعمة الفاسدة ومصادرتها وحماية الارصفة والطرق العامة من التجاوز عليها وتهيئة مستلزمات اطفاء الحريق واخمادها . وكذالك الاشراف على انارة المصابيح في الطرق والأزقة في اوقاتها وصيانتها وقد الحق . بهذه الشعبة مسؤلية الحراسة بعد صدور قانون (حراسة الاسواق) عام 1913م حيث نصت مادته الاولى (ان استخدام الحراس لحرس الاسواق والمحلات في المدن والعقبات امر الزامي ) واسند القانون المسؤلية تحت انظار الشرطة المحلية اما الاجور ورسوم الحراسة يحددها المجلس البلدي وبصادق عليه مدير الشرطة في الاستانة / تركيا
3-  شعبة الحاسبة :- ويرأس الشعبة موظف يلقب(امين الصندوق) ويساعده عدد من الموظفين الكتاب وهي مسؤلة امام رئيس البلدية عن الشؤون المالية من وارادات ومصروفات ويقوم بتقديم تقرير يومي بالنقد الفعلي الموجود في الصندوق ولا يجوز دفع اي مبلغ الا بموافقة رئيس البلدية وبتأشيرة من (الباش كاتب) وفي هذه الشعبة ايضا كتاب (العقود) ويتضمن تسجيل جميع انواع الاملاك الواقعة ضمن حدود البلدية وذالك وفق قانون بلدية الولايات لسنة 1882 م والمعدل في عام 1912 والتسجيل بسجل خاص وتنظيم البيانات بالرسم المستوفي وتكون موقعة ومختومة من قبل امين الصندوق ويقدم في نهاية كل شهر لغرض التطابق واجراء التسوية0
4-  شعبة التحرير :- ويرأسها موظف يطلق عليه اسم رئيس الكتاب (باشا كاتب) ويعاونه عدد من الكتاب ومسؤليته امام رئيس البلدية عن تسجيل مقررات المجلس البلدي في السجلات الخاصة وتنظيم الملفات لحفظ الكتب الصادرة وكذالك تضم هذه الشعبة موظفي الاملاك واحصاء النفوس التي كانت اصعب المهام التي يعاني منها الموظفون وتقوم الشعبة ايضا بفتح سجلات تدون فيها اسماء السكان وتسجيل المواليد والوفايات ومن الطريف بالذكر غزوف الناس عن التسجيل لاعتقادهم بحرمة نشر اسماء نسائهم او عدم رغيتهم في الحاق ابنائهم في التجنيد
5-  طبابة البلدية :- اوجب نظام الادارة العمومية الطبية الصدور عام1871م على كل بلدية من البلديات مدن كل ولاية من ولاية الدولة ان تعين طبيبا ومعاونا في المدن الكبرى (لمعاينة المرضى مجاننا مرتين في الاسبوع في محل يتعين من قبل الادارة البلدية ) كما اوجب النظام المذكور على بلدية المدينة بفتح صيدلية عامة لتزويد الفقراء بالأدوية مجاننا . بالرغم من وجود دائرة مفتشية صحة الولاية مهامها تقديم الخدمات الصحية والحفاظ على الصحة العامة حيث كانت تعني بشؤون الحجر الصحي فقط . وتقوم البلدية بدفع رواتب جميع العاملين فيها (الصيدلي و الملقح و القابلة و المضمد و البيطري و الامام ) فضلا عن تجهيز وتكفين ودفن الموتى على حساب البلدية . وكان هناك الاطباء في بلديات العمارة وكركوك والموصل و الحلة و خانقين والسليمانية اضافة الى كربلاء اما بقيت المدن فكانت تخلو من الاطباء حتى نهاية الحكم العثماني
واردات البلدية :- حدد قانون بلدية الولاية بالمادة 29 مصادر الواردات على النمو التالي
رسوم البناء
رسوم الباسبانية / وهي يوم محلات الحرفين واصحاب المهن
رسوم الاصنافية  / وهي رسوم سنوية تؤخذ من كل تاجر
رسوم الاغباني / وهي رسوم على خيوط الشعر التي تنسج وتصبح قماشا
رسوم الكيل والقبانية والدلالية /
رسوم العبور / وتاخذ من عابري الجسور
رسوم الاختام / وتأخذ من المنسوجات غير الخاضعة للرسم الكمركي والرسوم التي تعرض من الغرامات النقدية التي تفرض على المخالفين لأوامر وتعليمات البلدية
وهناك ضريبة أخذت من اصحاب المحلات في كربلاءيطلق عليها اسم ( شهرية الحوانيت) وهي ضرسية شهرية تستوفي من العطارين وارباب المهن الاخرى وبدرجات ومقادير مختلفة تبعا  لحجم حوانيتهم فرضتها الدولة واستمرت لمدة ثلاثين عام من سنة 1876عقابا على اهالي المدينة لعصيانهم اوامر التجنيد عند نشوب حربها مع روسيا واستمرت في استيفائها بعد انتهاء الحرب 0                                
لا شك ان تطور المدينة تقاس بالجهد البلدي مضافا الى الية وعي وثقافة المواطن ولذالك  يتطلب دعم المؤسسات البلدية بأصدار القوانين والقرارات والتعليمات لتنظيم عملها لتقديم افضل الخدمات وخاصة المدن الكبرى او التي تحمل خصوصية كالعواصم والمراكز الاقتصادية او الصناعية او الدينية وغيرها وقد اهتمت الحكومة العثمانية بمدينة كربلاء لاهميتها الدينية آنذاك ولذلك كان تشكيل بلدية كربلاء بوقت مبكر قياسيا لبلديات المدن العراقية الاخرى وبالنظر لندرة المصادر وقلتها الا اني وجدت ( كتاب بلديات العراق في العهد العثماني ) الذي قدمه الدكتور الباذخ والمتميز في الجهد (عبد العظيم عباس النصار) ضالتي في الكتابة عند بلدية كربلاء وعسى ان اقدم للكربلائي ما يصبو اليه والله الموفق .
[email protected]