22 ديسمبر، 2024 8:54 م

بلدية باريس وبلدية الجبايش

بلدية باريس وبلدية الجبايش

ذات يوم حضرت أمسية للشعر العربي في مدينة آخن الالمانية ، وهي مدينة عريقة من المدن ذات الاصل الروماني وتقع على الحدود الألمانية ــ البلجيكية ولا تبعد عن بيتي سوى 100 كم.
كانت الامسية مقامة في قاعة ( آخن غات هاوس ) وتعني قاعة البلدية ، وقبل ان تبدأ الامسية كانت هناك على جدران صالة الاستقبال لوحات وصور فتوغرافية توثق لتأريخ المدينة والمفاجأة التي وجدتها على احد الجدران ان هناك ملصقا يوثق توأمة تاريخية بين آخن وبغداد ، وتوأمة المدن هو تقليد تاريخي وحضاري يقوم على اساس تبادل الخبرات والمهارات في تطوير المدينتين ولا ادري إن كانت بغداد قد استفادت من التاريخ المعماري والصناعي والطبي العريق لهذه المدينة الالمانية عندما عرفت أن هذه التوأمة انتهت مع دخول جحافل المارينز الى بغداد.

والآن مع البلديتين اتذكر بلدية الجبايش في سبعينيات القرن الماضي عندما كانت مقصدا للسواح والدارسين وكانت الاهوار تحيط بها وعلى ضفاف الانهر تمتد المقاهي لليل سمر طويل حيث كانت البلدية تعتني بالمدينة بشكل جدي وتظهرها كواحدة من المدن التي ينبغي أن تزار .

وذات صيف كان المعلم (جبار خيكان فرهود ) المولع بالثقافة الفرنسية وافلامها وعطورها ودور الازياء وبسبب هذا الغرام تعلم الفرنسية بإجادة تامه وكانت  سفراته الى باريس حصرا التي لا يغادرها الى اي مدينة فرنسية أخرى ،وكان يعمل بهرزياً طوال العام ويقتصد في راتبه حتى يوفر سفرة باريس الصيفية  .

 ذات صيف كان جبار خيكان يمشي على ضفاف السين وقد تعود ان يستذكر تحت جسر ميرابو قصائد ابولينير التي يحبها حتى تفاجئ بجاك شيراك وكان رئيسا لبلدية باريس قبل ان يصبح رئيسا لجمهورية فرنسا يمشي على الجسر بصحبة مرافقين ، يقول جبار :سكنني شعور ورغبة لأتقدم من السيد شيراك واكلمه.

قلت له : مساء الخير سيد شيراك ، انا من العراق .

قال : اهلا بك كيف حال صديقي السيد النائب صدام.

يقول جبار :تلعثمت ، ففد دخل شبح مخيف في نقاشنا ، لكني ابتعدت عن المباشرة وقلت : العراق بخير.

اجاب رئيس بلدية باريس: تحب أن تسأل سؤالا ..؟

قلت نعم.

قال :تفضل .

قلت :مع من تتوأمت بلديتك ياسيدي .

قال :مع سان باولو في البرازيل. ، لماذا ؟

قلت :كنت اتمنى ان تتوأم مع مدينتي .

قال وكمن يشعر بزهو الاسم : بغداد ، بكل سرور ان طلب مني سيادة النائب ذلك .

قلت كلا : مع مدينتي .

قال :وما أسمها ؟

قلت :الجبايش .

قال : لم أسمع بها .

قلت ان سمح وقتك مسيو اختصرها لك.

لعشر دقائق كنت اشرح له تفاصيل مدينة تسبح بين الماء والسماء وكما رسم ايتاليو كالفينو مدنه اللامرئية ، رئيس بلدية باريس شيراك شاهد مدينة تعوم في انهر الاساطير والدهشة ،وعرف أن اول الانبياء كانت لهم بيوت قصب سكنوها هناك.

قال : سيكون لباريس شرف ان تتوأم مع هكذا مكان حضاري ، اخبر رئيس بلدية الجبايش كي يزورنا .

يقول جبار :في عودتي الى مدرستي مع بدء الدوام ونهاية صيف باريس الساحر ذهبت مباشرة الى رئيس بلدية الجبايش لأخبره بطلب رئيس بلدية باريس.

تأملني رئيس البلدية طويلا .وقال :عملت طيبا انك جئت اليَّ ولم تذهب الى القائمقام لكان سجنكَ فورا .

قلت لماذا : قال كيف تجرؤ نقل رسالة من صديق النائب والنائب لا يعلم.؟

فزع ( جبار ) وغادر غرفة مدير البلدية مسرعا وابتداء من الصيف القادم غير وجهة سفره الى مرسيليا وليون ولم يذهب الى باريس مطلقا….!