23 ديسمبر، 2024 9:15 ص

الفصل الأول
بينما كنت غارقة في بحر أشجاني.. أستمع لمعزوفة ” ذكرى رجل عظيم”.. شغل تفكيري.. أنظم حولها أشعاري.. أرتب على إيقاعاتها أفكاري.. باغتني الحجاج بالسؤال.. لا أدري ما كان يقصده بالضبط.. أهو صادق في المراد.. أم كان مازحا كالمعتاد.. توقفت الأوتار عن العزف.. سكتت الأنغام مترقبة جوابي.. بدون تردد.. جاء الجواب مسرعا كالبراق.. سؤال الحجاج.. كان بمثابة امتحان.. جن للسؤال جنوني.. وغاب عن الجواب شيطاني.. ما جدوى السؤال.. والحجاج أسير.. مخفي عن العلن.. وما جدوى الجواب.. إن لم يضرب بي المثل..
الفصل الثاني
لكي أجيب عن السؤال.. كان علي أن أختار بين الاثنين.. فبين الأول والثاني.. تكمن سعادتي وشقائي.. جعلني السؤال أرفع من مستوى التأهب.. أعلو من شان التفاصيل الدقيقة.. حتى أصبحت لا تفارقني.. تعصرني.. تشدني.. تقلقني.. تعذبني.. تارة تأخذني.. إلى ما لا نهاية.. نحو عوالم ديزني.. وتارة أخرى تقذف بي.. في بحر الحيرة.. خارج المتوقع.. تذكرني بضعفي أمام المستحيل.. بألم الحاضر.. والأمل الذي قد يأتي.. ربما لن يأتي.. تخيرني بين سلطة العقل والقلب..
حينما يحضر الأول.. يغيب عني الثاني.. تحضر كل التفاصيل لتنوب عنه وعني.. وحين يحضر الثاني.. يغيب الأول رغما عني.. الاختيار بين الاثنين.. كالاختيار بين القيثارة والعود.. بين القصيدة والنثر.. كما المشي على الحبلين.. النارين.. كما السفر بين وهمين.. جنتين.. لكي أختار بين الأمرين.. أخذ الأمر مني سنتين.. كاملتين.. السؤال أشبه بأن يكون الأصعب على الإطلاق.. لم يكن الحجاج يدري أن في الجواب شيء من عبقرية السؤال.. والاختيار أشبه من ركوب الغمار..
الفصل الثالث
أصوات تأخذني نحو الغوص في الأعماق.. وأخرى تطالبني بالمزيد من الصبر والثبات.. فالهروب إلى الأمام أصعب من البقاء.. “الأبيض الناصع أم الأسود القاتم”؟.. أيهما أختار؟.. الأبيض لون الصفاء.. والأسود لون الوقار؟.. “الحاضر أم الغائب” ؟.. الأول اعيشه بكل تجلياته.. والثاني غائب عني بكل تفاصيله.. بين “فصول السنة الأربعة”.. و”بلا عنوان”.. كان علي أن أختار بين الاثنين.. أن يكون النص “بلا عنوان”.. “بلا إثبات”.. وما توحيه الفصول الأربعة من “تناقضات”.. بين “اتخاذ أنسب قرار”.. وما يفرضه النص من “انضباط”.. تستوطن تفاصيل دقيقة.. تحمل في طياتها، اختلافات وتناقضات.. ارهاصات.. واستعارات.. قصة المتشبث بالأمل والمحب للحياة.. بين الخطوط العريضة والتفاصيل الرفيعة.. خيط رفيع اسمه الحياة.. فعدم الاختيار يبقى أسوأ اختيار.. فجبن مني ألا أختار.. سجل.. لقد أعلنت الاختيار..
الفصل الرابع
ربما كان السؤال اعتباطيا.. غير مفكر فيه.. ربما طرح السؤال بصيغة الأمر والجمع.. جاء ليفتح قوسا لقياس الأثر.. أو لجس النبض.. أو ربما كانت حيلة من حيل الفرسان.. إلا أن عيناه.. كانت ترقص حزنا وألما.. وفي صوته حرقة وشجنا.. ربما كان الجواب محددا.. عفويا.. إلا أنه من الأعماق.. كان نابعا.. طرح السؤال ثم رحل بعيدا.. خارج الأمكنة والأزمنة.. انتظرته طويلا..
انتظرته أن يأتي.. أسقاني عصير الصمت.. ليشرب وحيدا.. نخب الاحتفال.. قل لمن ينتظر جوابي.. ما أوجع الرحيل بعد طرح السؤال.. “قل لمن ينتظر جوابي.. تجد المعنى مذابا في السؤال”.. قل لمن ينتظر اختياري.. “بلا عنوان” بات عنواني..