19 ديسمبر، 2024 10:42 م

بلاد السفهاء – 7 / أزمة  شرف ….ودعاء فتاة !!

بلاد السفهاء – 7 / أزمة  شرف ….ودعاء فتاة !!

ثمة طبع  حيوان جارح يستضيفه جسد الوالي مكرها … يغلف باطنه ب ران اسود حتى لاينفع  معه نصح الناصحين ولا دواء الحكماء والعارفين.انه سخط الله من جريرة ظلم الفقراء والمساكين…
كان الوالي رجلاً ذو أطراف أربع  ولسان وشفتين وجسد ممتلئ بالدماء القرمزية، يملك مايملكه الرجال ويختلف عنهم بكونه واليا  في بلاد السفهاء وهي ليست بلاده.
ديدن هذه البلاد أن ولاتها  من غير أهلها …غرباء ..بلداء..أغبياء….يفقهون الظلم …وينظرون للدمار..وينتهجون طرق الرذيلة في معاملة الناس…
. الوالي  كثير التمارض ويهوى الملل وحتى أن  ظن جازما بنجمه قد أفل فهو يرتمي على جسد الزمن  فينتحر الوقت وتموت الأفكار  وتغادر القضية بلا حلول وتكون أزمة قومية .ولديه أزمة شرف .. فاصله…نطيحة ومتردية …
حياته مضجرة بدماء الفقراء الذين يتربص بهم ريب المنون  حتى  تخرج عليه من شقوق الأرض ودهاليز السجون  ..
  كان يهر ب  من كل ما أمر أو فعل  بقصد أو من دونه ……..ويحلم بأن يعمل يومًا في  محمية برية يرعى الماشية أو يسعى للحماية على نوع  حيوان قد قارب جنسه على الانقراض  أو في دار للعجزة والمساكين…
الوالي قلق مضطرب مرتاب كثير الاكتئاب…..لا يبتهج إلاّ حين يتخيل  حادثة واقعة في ثنايا الشعب  أو الكهوف في بطون الجبال أو خبر شاع أمره و أنفضح  شره  متجسد بقبور ساكنة .
 ولا يرتاح إلاّ حين يتخيل فيالق  التحرير  انصاعت لأوامره  وقد احتلت قرىً  ومحت مدننا  وخلفت مشردين  وشردت  مساكين …..فالأمن يقلقه والحرب تنعشه….فتراه يدفع بالتي هي أقذر لنشر المنكر ..
 وينتشي حين يبلغه جنوده بان القتل براعة  ..والجريمة فن  وإبداع  وابتكار   ولا داعي لاستخدام الأسلحة الفتاكة فهي هدر للمال العام   ولا تمكنهم من إشهار الشجاعة  ..وشعارهم  هو التدريب ..ثم التدريب ..ثم التدريب..
 وانتشى  في أحد الأيام نشوة غريبة  مختلفة  حين تنبه إلى أن شعرًا جديدًا أصهب بدأ ينبت في رأسه ويحل محلّ الشعر القليل الأبيض، وتباهى به ….فعده دليلاً على الرجولة وعودة الشباب. وتزايد نمو شعر جسمه ليكسوا  جسده  بطبقة كثيفة خشنة، وتبدلت ملامح وجهه …فافترض المقربون بأنه متحول  إلى كائن خالد ..وعليهم كتم الخبر فهنالك المتربصون به ريب المنون …….والشعب عنوان  الظنون فهم نكرة ومشردون سيقولون عنه الأباطيل ..وأولها مسخ حقير… وحاول في إحدى الليالي أن يهوى على وجه الوسادة  مستعينا بها على النوم، فأخفق، وأحس بباعث  غامض  وتحول إلى دافعية عالية تجتاح كل جثمانه الجاثم على لوح  السرير ، فنهض  وحرك أطرافه يمنة ويسره  بثقة وهمة تعبر عن نشاط وفوره   فرفع الهاتف واتصل بقائد الجيوش  …..وبلغه بقتل كل ذي روح  من الحيوان وقطع الشجر وردم الأنهار ……..
فقد رأى حلما فظيعا …..بينما هو يسير في طرقات البلدة حتى هاجت فوق رأسه جموع من الكواسر والجوارح التي تتخذ من قمم الأشجار   الشاهقات  مساكنا  لها   واقتربت منه حد الموت ….وفر هاربا يلاحقه جمعها ولاحقته  أشجار الغابة  تضربه بأغصانها  وتنهشه  بشوكها …..حتى التجئ إلى نهر  يغطي جسده العاري من ثورتها ….فلفظه النهر إلى صخور صلبة …..وتكورت دعوات اليتامى والأرامل حجارة من سجيل تخترق جدار جلده السميك …..وأفاع  بصليب هي مظالم  المغتصبات في  قصوره المشيد  حتى صرن عواهر يتلقفهن قوا ويد البلاط ..بكل بسالة واقتدار …….
استيقظ  على أثرها من منومة مفزعة  ..وتذكر انه قد طغى وتجبر على بنت فقيرة  كان فض عذريتها   وقاد لها رجالا للسفح بها  فدعت عليه وقتلها ….  فصار قوادا  …
ونفذ جيشه الأوامر..قطع الأشجار  كلها  وحرق الزرع  وأباد المطايا ….وردم العيون  وجفف الأنهار …وذبح العواهر …وهجر الأيتام  . ورمى الثكلى إلى كلاب جيشه  لينفض عن كواهله  سم الغرائز  التي حملوه من واليه المسخ ………..ولم يبقى غيره في البلدة ….
فسلط الله عليه الخوف ونزع عنه الأمن فذله في الدنيا قبل الآخرة   …

أحدث المقالات

أحدث المقالات