23 ديسمبر، 2024 5:28 م

للعشيرة مثل البرلمان نصابها. ولها مثل البرلمان قبة. الفرق بين الاثنين يكمن في طريقة اكتمال النصاب. البرلمانيون  “قشمروا انفسهم” والناس بما يسمى اللعبة الديمقراطية. وطبقا لقواعد هذه اللعبة يحتاجون النصف زائد واحد. العشيرة لاتؤمن بهذه القواعد المكتوبة والمعمول بها منذ بزوغ عصر الديمقراطية. فالنصاب يكتمل اذا حضر الشيخ .. واذا حضر الشيخ بطل “التشيخ” حتى لو كان عدد الحضور اربعة من اربعة الاف. سياسة البرلمان عد الاصوات والتوافق بينما سياسة العشيرة العطوة. كل شئ في البرلمان لاينتهي الى شئ خصوصا اذا كان على مستوى الرقابة لان الحكومة متداخلة مع البرلمان والبرلمان متداخل مع الحكومة وهو مايعني بالانكليزي الفصيح انهما “بكج واحد” .. حيث لامعارضة والاسباب معروفة. سياسة العشيرة العطوة التي تنتهي بالفصل والدية وكل شئ محكوم بالمقولة الخالدة ” “انصر اخاك ظالما او ظلوما”. المصيبة ان هذا الاخ وفي زمن الدخول القبائلي الجماعي في عالم السياسة من بوابة الديمقراطية لم يعد مجرد فرد في العشيرة يسرح بالغنم او الابل او .. الهوايش. بل هو نائب في البرلمان بحمايات وامتيازات وبالك بالك. او عضو مجلس محافظة او وزير في الحكومة خصوصا اذا كانت من طراز “حكومات الشراكة الوطنية” على شاكلة حكومات السويد والنرويج والدانمارك والنمسا .. اسف النمسا مازالت بعيدة عن هذا التوصيف فحكومتها “ترقيع” و”لملوم” وهو ماجعلهم يقررون ارسال وفد عريض المستوى لزيارة العراق لغرض الاطلاع على تجاربنا الفذة في تشكيل الحكومات طبقا للتوافقات وتشكيل التوافقات طبقا للحكومات. وطبقا لمصدر رفض الكشف عن اصله العشائري ومع من “ذاب جرش” فان الوفد سيطلع على الكيفية التي اتفقنا فيها على تاسيس مجلس اعلى للسياسات الاستراتيجية او مجلس وطني للسياسات العليا ومن ثم بعد ان ادركنا ان كل ازماتنا الاستراتيجية والتكتيكية قد تم حسمها تماما ونهائيا فقد انهينا خدماته قبل ان يتشكل وسرحنا الداعين له بـ “القنافذ”. دعونا من النمسا وطلايبها وازماتها العويصة التي ستحل “بعون الله والغيارى من ابناء شعبنا الابي” بعد الاطلاع على تجاربنا البرلمانية والعشائرية فان ما يهمنا الان هو الكيفية التي يتعامل بها البرلمان مع ملفات الفساد والتي ما ان تصل الى اجراءات سحب الثقة حتى تعود الكتل للتوافقات التي تم بها تشكيل كل شئ “بكج واحد” مثلما يسمونه. هذا “البكج الواحد” بات افضل ستار لحماية الجميع فاسدين ونزيهين, صالحين وطالحين, كفؤون وكافنون. لا النزاهة قادرة على عمل شئ ولا البرلمان بات بمقدوره المضي قدما في اجراءاته حتى لو اكتمل نصابه لان نصاب العشيرة لم يكتمل بعد. فمن الان وصاعدا اصبح نصاب البرلمان ونصاب العشيرة “بكجا واحدا” ايضا. مهمة البرلمان الاستجواب امام الفضائيات في ارقى تجربة ديمقراطية حتى في الصومال لايوجد مثيل لها. لكن مهمة العشيرة اكمال الدور الثاني من عملية الاستجواب وتحت الحراسة المشددة ايضا ومن قبل همرات الجيش والشرطة. فلمن  لايعلم فان العشيرة باتت سلطة مثل الحكومة لانهما اصبحا “بكج واحد” .. والله  اكبر وليخسأ “الباكجون”.
[email protected]