23 ديسمبر، 2024 6:14 ص

الاحداث العراقية مجزأة ومشتتة لكنها عند استقرائها تترابط لِتُكّون بانوراما متكاملة للفوضى وكأنها مرتبة عن قصد وهذا ما يظهر بالاحداث الجِسام للفترة القريبة الماضية.ان تلك الاحداث المعنية لا يصح وصفها بالجسام لذاتها فهي احداث تافهة صبيانية لكنها جِسام بتداعياتها الخطيرة التي لم ترد ببال الصبي عندما اقتدح نار تكون نتيجتها ان تحرقه واهله الغافلين او كنباح براقش الذي لم يكن كباقي النباح بل قتلها واهلها.
الخطابات الاخيرة / ارتحنا والحمد لله من خطابات خمس ايبست ارياقنا واجفلت قلوبنا .. خطاب نار جهنم ,خطاب منتصف الليل –التهديدي- ,الحزبي ,الامني ثم خطاب اخر اربعاء وبعده خطاب التنحي الذي تصورنا بعده اننا انتهينا من حديث الاربعاء لكن ليس بعد.
في خطابه للتنحي في 14 / 8 تفاخر السيد المالكي بانه  قد وقع على اعدام صدام لكنه لم يذكر شيء عن الخدمة التي قدمها مجانا ً بالمقابل وهو انه قد اهداه مزارا ً عندما سلم جثته لأهله .فالامر لا يعدو اما ان يكون خوف من عشيرته واستبعده لانه تعمد الظهور امام الاعلام وهويوقع اورق التنفيذ.اذن يبقى الخيار الثاني وهو قصور نظر سياسي فاضح مظهرا ً اعلى درجات الغباء السياسي حيث ان الايطاليين اخفوا جثة عمر المختار وعبد السلام والبعثية اخفوا جثة الزعيم عبد الكريم قاسم وامريكا اخفت جثة بن لادن والليبيين اخفوا جثة القذافي ومن هذه الامثلة وعشرات غيرها يبدو ان هذا الامر عرف سياسي مقبول مع الرموز سواء كانوا رموز خير او شر فان كانت بعض هذه الامثلة لاحقة زمنيا ً لاعدام صدام فما بال مستشاري المالكي لم يتنبهوا للأمثلة السابقة.
في خطاب التنحي ذكر التالي ” وكان واجبا ً علي ّ ومن مسؤوليتي الشرعية والوطنية والاخلاقية ” قدم كلمة الشرعية اي انه عاد لسيرة الاحزاب الاسلامية بعد 2003 في ادخالها لمفردة ” شرعي ” وإقرنها مع كلمة واجب وتقديمها على وطني فتقول واجبك الشرعي والوطني ..كما انه استخدمها لانه ادرك انه كان خطاب تنحي وبالتالي تنفيذ لما ارادته المرجعية.في حين انه في خطابه بتاريخ 11/8 كان قد قدم الوطني على الشرعي ” وانطلاقا ً من مسؤوليتي الوطنية والشرعية والاخلاقية ” وفي خطابه بتاريخ 13/8 كان قد حذف كلمة شرعي تماما ً ” ان التمسك هو واجب اخلاقي ووطني للدفاع عن حقوق الناخبين ” مما يظهر بجلاء تلاعب هؤلاء بالالفاظ واستخدام للمصطلحات كما ومتى ما شاؤوا تماشيا ً مع الظرف الذي يعيشونه ممتلكين بذلك مرونة السحالي وتلون الحرابي.
قال بخطاب التنحي [ ” قد مارست كل الوسائل والاليات الدستورية والسلمية لاعادة الحقوق الى نصابها..”]  نعم لقد استخدم الوسائل السلمية وخطاباته السالفة شاهدة : [” ان الاوضاع الامنية ستزداد سوءا ً وتقع احداث لا تحمد عقباها وبما يلحق اضرار فادحة بالمصالح العليا للشعب العراقي. 11/8 “] خطاب ملغم بالعبوات التهديدية فهو كما يبدو تفسيره للوسائل السلمية.
[“ان الخرق المتعمد للدستور ستكون له تداعيات خطيرة على وحدة وسيادة واستقلال العراق ودخول العملية السياسية في نفق مظلم (الخطاب السابق)”] تداعيات خطيرة لكنها سلمية كما وصفها بخطاب التنحي .
كما قال بخطاب التنحي ايضا ً [“لقد استبعدت منذ البداية خيار استخدام القوة ” ] وهذا يعني انه لم يحرك القطعات العسكرية ولا انه لم يقل ما سبق وقاله [“وادعوا ابناء القوات المسلحة والمتطوعين من المجاهدين وابناء العشائر الغيارى الى الثبات …والتصدي بكل قوة وحزم الى تنظيم داعش الارهابي وحلفائه من الداعشيين السياسيين الذين يعلنون الحرب على جميع العراقيين .11/8 “] اي انه قرن وساوى بين داعش وخصومه السياسيين كما انه شرعن التصدي لهم من قبل القوات المسلحة.
[“اننا وبالتوكل على الله جلت قدرته ….والقوات المسلحة على ثقة باننا سندحر الارهابيين ونوقف عمل المتجاوزين على الدستور.نفس الخطاب “] عطف الارهابيين على خصومه السياسيين الذين وصفهم بالمتجاوزين ووحد-من جديد- وسيلة التصدي والوقف وجعلها القوات المسلحة!!.
في 11/8 قال [” اقول لكل المجاهدين بالجبهات المتطوعين وابناء القوات المسلحة من الجيش والشرطة الذين يقلقهم ما حصل من التفاف ..اثبتوا في مواقعكم لا تقلقوا لا تهتزوا …واننا سنصحح الخطأ حتما ً بالاتجاه الذي يطمئنكم “] ومعناه اقلقكم احتمال ازاحتي وهو ربط واضح واقحام للقوات المسلحة بالصراع السياسي وانه مرتبطون به مما يلقي بظلاله على صحة نظرية “جيش المالكي “.والمعنى المقابل للآته الناهية انا لا زلت بالسلطة لكن اقلقوا اذا ما اطيح بي وقلق الجيش والشرطة هو استخدامهم لسلاحهم فلا تقلقوا تعني لا تتدخلوا الان وهذا اثبات ارتباط ثم اثبات تهديد.
(يتبع …)