انقطاعي عنها تجاوز العقدين من الزمن وهى حاضرة في وجداني عدتها بعد اصرار احبائي لزيارتها وصورتها المأطرة برونق الماضي الجميل لازالت محفوظة بين الياف العقل الباطن والقلب المعشوق الهائم بها المتلهف لرؤيتها والعيش معها وفيها مرة اخرى . . . . عدتها ( رغم إعلانها مع الاسف في الاونة الاخيرة اسوء مدينة في العالم للعيش لاسباب سياسية وأمنية ) عدتها رغم ذلك الاعلان اللعين ، مستحضرا صفحات الذكريات المصورة بالوان النسق المنسقة بريشة فنان لا يتكرر استعدادا لزيارة كل بقعة تركت بصماتها في مستودع ايام بغداد الحلوة بحلاوة وجمال العروسة ليلة زفافها .
في اول يوم لي من ايام الصيف اللاهب وطأت اقدامي فيها في مدينة الفكر والثقافة والعلوم والاداب .. بغداد .. استأجرت سيارة تكسي مكيفة في جولة حرة بين ضفتيها الكرخ والرصافة دامت اكثر من خمس ساعات متنقلا في شوارعها وازقتها وفوق جسورها وعلى ضفاف دجلة الخير والعطاء ، خلال تلك السويعات التى سرقت قسما منها من ليل بغداد الاظلم تستنجد الإنارة من وزارة الكهرباء وامانة بغداد ومحافظها وكل مسؤول تطال يده في غرس ( اقول غرس كناية لمعاني وأبعاد الكلمة ) عمود كهرباء غير تقليدية من راتبه الشهري او التقاعدي يعلو نهايته مصباح كهربائي عالي الفولطية وما اكثر المسؤولين ذوات الرواتب الخيالية حتى تخرج بغداد من ليلها الحزين الدامس الظلام تميزا على الاقل عن نهارها الحزين الدائم البكاء . عودة الى الجولة الحرة السريعة وما انتابنتي من الدهشة ومن الصعقات اللاكهربائية حتى صرت اغمض عيناي عن بعض مشاهداتي كي لا افسد على العطار محاولاته في اصلاح ما افسده الدهر تلك المشاهد المؤلمة عن بغداد الحضارة والتراث التى تحولت الى خراب × خراب تجمعت عليها معاول الأصدقاء الأعداء في الهدف والغاية تدميرا لهوية بغداد الازل يرمون الترقيع والسمكرة الحثيثين التى لا تساوي شيئا امام الخراب والدمار منذ سنوات الاحتلال حتى يمكننا القول ان الزمن توقف في وعن وعند بغداد ، تمنيت ان يصيبني الزهايمر ، عدت ادراجي حيث اقيم استعدادا لجولة الغد الى شواخص لايمكن الوصول اليها إلا ترجلا علني اجد متنفسا ولو اصطناعيا اتقبل متغيرات بغداد خالد الأزمان في هذا الزمن .